قصص عربية

خاطف الأطفال من شوارع بيروت

الطُّفولةُ تُحَفِّزُ البُطولةَ

ومن أغرب ما قرأتُ في هذا المجال قصة (خاطف الأطفال من شوارع بيروت) .
أكبرُ خاطفٍ للأطفالِ في العالم هو من شوارع بيروت عام ١٩٣٧.
ذاتَ يومٍ فُقِدَ كُلَّ الأطفالِ من ساحة الشهداء، و ساحة البرج، و جانب الريفولي، و شارع المصارف، و درج خان البيض، و محيط سينما الروكسي، و الامبير و الأوبرا .
و تمَّ اختطافُ كُلِّ الأطفال من بائعي العلكة، و اليانصيب، و ماسحي الأحذية، و بائعي الورد، و أكياس الورق من الحُفاةِ و الشحَّاذينَ و المتسوِّلينَ الفقراء.
فدبَّ الذُّعرُ و الهَلَعُ في نفوس أهاليهم. و بدأت الاتصالات و التبليغات عن فقدانهم تتوالى. و إذا بخاطفِ الأطفال هو وزير الدفاع الوطني آنذاك (رشيد بيضون). أخذ حوالي ٤٠٠ طفلًا، إشترى لهم الثيابَ و الأحذيةَ و كلَّ مايلزمهم .
و وضعهم في المدرسة العاملية الإبتدائية في رأس النَّبعِ التي أسَّسها لاستقبالهم و تعليمهم على نفقته الخاصة. و اتَّصَلَ بأهاليهم و قال لهم: أنا أتكفَّلُ بتعليمهم جميعًا، و أدفعُ لهم مصاريفَ عَيشهم من أكلٍ و ملبسٍ و صحةٍ. و كل يوم سبت سأدفع مساعدات للأهل، تعادل ما كانوا يجنونه من عملهم.
و بعد مدة تخرَّجَ غالبيتهم من المدرسة العاملية بشهادة البكالوريا. و أرسل القسم الأكبر منهم إلى ألمانيا و فرنسا و أوربا لمتابعة دراساتهم الجامعية.
و أسَّسَ أوَّلَ صَرحٍ عِلميٍّ في بيروت يضمُّ كلَّ الطوائفِ.
و كان خاطفُ الأطفالِ هذا الذي لم يُرزَق أطفالًا قد حقَّقَ أوَّلَ إنجازٍ تربويٍّ في لبنانَ غيرِ طائفيٍّ.
و قد أسَّسَ (رشيد يوسف بيضون) الوزير و النائب و المثقَّف (الجمعية الخيرية العاملية في لبنان)..
وفيه قال أحدُ الأدباء: (مِنَ الطُّفولةِ، بزغَت البُطولةُ)
لكن للأسف تاريخنا العربي يُدوِّنُ تأريخَ البلطجيةَ و السَّفاحينَ و اللُّصوصَ و الفاسدينَ و يرفعُ شأنَهم و يحفظُ أسماءَهم النَّاسُ.. لكنَّ العظماءَ الحقيقيِّينَ لا يُذكرونَ أبدًا و تُطمَسُ أسماؤهُم.

ربَّنا احفَظ أطفالَنا من آبائِهم الظالمينَ.
وارحَم أهلَنا وأحبَّاءَنا..

السابق
يوم المهندس الزراعي العربي
التالي
معرفة الأديب

اترك تعليقاً