أدب الطفل ووظائفه التعليمية
أدب الطفل ووظائفه التعليمية

أدب الطفل ووظائفه التعليمية

أدب الطفل ووظائفه التعليمية

مقال : الكاتبة إزدهار بوشاقور

الحياة الطفولية سحر هادئ يسكن أعماقنا حتى ونحن شباب وفي أطوار متقدمة ومع ذلك كم هائل من الحكايات  والقصص والخرافات تسكن خلايانا وتنتهي كل ساعة الى أذاننا، فتحتقظ به الذاكرة كحاصل أو حوصلة أخذناها كنتيجة سماعية لماضي عشناه.

ازدهار بوشاقور
ازدهار بوشاقور

إن أدب الطفل من الآداب القيمة ذو أهمية قسوى لا تقل عن وظيفة وحاجة أدب الكبار، فله جمهوره المتميز وميزات وخصائص وسيمات فكرية وأدبية ورمزية لعمرية الطفل.كما تعتبر أفضل الوسائل التعليمية تلك التي تتم بواسطة السمع والبصر، لأن الأدب المكتوب على الورق محدود بطبعه وأفضله المرئي و المسموع في سهولة الأخذ والتبني، أما التراث الشفهي من اعتبره كما الكثير أقوى وسائل نقل المعارف لأن أسلوب الحكي يحقق الهدف المرجو ويولد ثقة متبادلة ما بين الطفل والنص، وخير مثال على ذلك لاحظ قصة ألف ليلة وليلة و مدى تعلق الطفل السامع بالحكواتي..من خلال تشهية آخر الحكاية لما فيها من خفة و عمق.

إذن فمن الواجب بناء أدب للطفل قائم على مواد تعليمية مرتبطة بميول التلاميذ لأنها تزيد من انشغال الطفل والتلاميذ على الخصوص بالأعمال الفنية وتدفعهم وتزيد فضولهم وتهيئهم للقراءة والأدب اللغوي السليم.

أما المسرح وهو قادر على تحقيق عمقا في ذاكرة الطفل، إذ لا تنسى هذه الأعمال و تظل محفورة مثل ماما مسعودة  وكذلك حديدوان فهي من الأعمال التي تبقى تراود لسان الطفل إلى عمر متقدم.

وللمسرح كما للكتابة والقصة تزيد وتضيف من التحصيل العملي لدى الطفل كما توجه مكتسباته اللغوية وتطورها وكذا مجرى خبراته نحوى تحقيق أهداف تربوية كلف مواطن صالح سليم.

كاتب أدب الطفل قادر على التعبير على مشاعر الخوف العميقة وقادر على ابتكار مشاعرهم وأحاسيسهم وكل ما يربطهم بالحياة، فالأدب المقدم للتلميذ يمكنهم التعرف على معنى وماهية الخوف القابع في أعماقهم لذا فتعتبر هذه القصص تعويضا عن ذلك فما تتضمنه من أحداث إذ يستطيع استطلاع ما بداخلهم وترجمته خطيا وفي قالب قريب لنفسه.

وتجمع التجارب على أن الطفل في مرحلة النمو يكون أكثر قدرة على الاكتساب والترسيخ فمثلا نجد إفتح يا سمسم هي من أكثر الأغاني المرسخة في الذهن.

ولأنني عاملة بالميدان وهو ما حفزني على خوض غمار هذا الموضوع وانطلقت في إعداد ما أفضت إليه تجاربي وتعاملي مع التلاميذ فرأينا أن التلميذ الذي عمره ما بين 5 سنوات و 8 سنوات يميل كثيرا إلى الكتب الترفيهية والتي لا  تخرج عن سيئته الأولى (البيت) كما يميل للحفظ بسهولة لذلك الأناشيد المهبرة مثل هذا تلعب قبل المغرب، أو ماما زمنها جايا لأنها أعمال مستويات من خياله الخصب وتحمل معايير  وميزات ملائمة.

ودورنا نسيان الأفلام مسموعة ومرئية خاصة، لأننا بالفعل نلاحظ ونتتبع النقص الملحوظ في هذه التحليلات إلا أن هناك محاولات جادة قادت إلى إثراء الدراسات المعلقة بالطفل مثل: كتاب أدب الطفل في الجزائر لعبد القادر السائحي.

والإبداع الخاص بالطفل بدأت بشائره من الإستقلال متمثلا في أناشيد مضمان ما يرده الطفل ولا تنسى ابن باديس والبشير الإبراهيمي ورسائلهم الاستشارية والتي هي رسائل للطفل حسب الإطلاع.

يا نشأ أنت رجاؤنا ******* وبك الصباح قد اقترب

كما ألف محمد العيد آل خليفة مسرحية بلال سنة 1938 وهي من اقدم المسرحيات  وقد تطور مسرح الطفل وأصبح يكتب بلغات مختلفة. إذ لوحظ ميل الطفل إلى الخفة والحوادث الساذجة والتي تأخذه إلى إلى عالم الخيال.

بدوري أقر أن الكتابة للطفل صعبة جدا لأن الطفل لا يقتنع بسهولة ولا يتقبل بسهولة، شأنه شأن الطعام المقدم له إذا تذوقه وطاب له أكله وإذا رفضه يعني لم يعجبه كما نلاحظ ميل الطفل إلى الكتاب الخيالي وخاصة الخيال العلمي، وهذا من خلال الرسوم المتبعة على الشاشة فنجده يتتبع رواء الفضاء كما يصدقها لأنها تغذي حياله وتأخذه إلى عالم بعيد يريده.

وبالمقابل هناك قصص قتلت الذوق لدى الطفل بهذا المعنى لأنها قصص لأصحابها، لا يراعون الذوق الحمل الراقي للطفل ولم تعد على الطفل بشيء سوى الغموض.

الكتاب الخاص بالطفل لا يجب أن يكون تفريغ للكلمات على الصفحات وإن وجدناه أمام الكومبيوتر وهذا القلة القليلة فقد نجد تفاعله ناقص وقليل كما أن انشغال والديه عليه كالعمل خراج البيت يتمي فيه الانكماش النفسي وهذه الأفعال قد تعود عليه بالسلب.

ولأن أغلب الكتب تأتي واعظة فأرى أن هذا الجفاء قد يخنق القارئ الصغير فالطفل يحبذ الكتب المنطلقة البسيطة المتفتحة والتي تقود للهدف تلقائيا، لذا فالقصة ذات البراءة والبساطة والمرحة تكون أكثر إقبالا، إن العودة إلى حياة الطفل وتتبع ميوله ومشاكساته ورواسيه قد  تكون المفتاح الخاص بكتاب الطفل لذا الغوص مع الطفل في حياته قد يسهل عملية الكتابة والتوصيل والوصول على العقلية بسهولة كما نلاحظ ميل الطفل للإثارة مع مراعاة القيم الاجتماعية والنفسية المستوحاة في الدقة والصياغة والمنهجية التربوية مع مراعاة الإطار الذي يمنح معلومات ويساعد على تشكيل عقلية الطفل وتنمية حسه.

وأنا أسير في الساحة كنت أقابل أطفال أعرف أنهم يريدون اللعب ويريدون ما يحقق عنهم ضغط الدروس، فحكايات خفيفة و قصص ضاحكة رامية قد تجعله يستلذ وقت راحته.

و من هذه التعليقات نستطيع استخلاص عناصر التحفيز على التعليم.

1- التعليق على الصورة في كتاب ما القراءة أو القصة.

2- تنويع القصص.

3- الجدية.

4- تعليق الحروف على الجدران في القسم.

5- تقديم هدية ككتاب.

6- الأناشيد الطفولية الخفيفة.

7- الاستمرار في القراءة.

8- تشجيعه على شراء الكتب.

9- القصص الخفيفة قبل النوم.

10- القصص كأمثلة وعقاب لأخذ العبرة.

يقول الاختصاصيون أن القصة حاجة عاطفية لنفس الإنسان كما الحاجة الغذاء والماء والهواء لجسمه.

ويقول القراءة والكتابة للطفل كضوء النور كلما بزغ تسحب الظلام فارا وفي سرعة مسح الظلمة هو مسح للجهل.

فالأدب للصغير ضرورة عاطفية للأطفال تحكي له شخصياتها وأبطالها عنه وعن تجاربه اليومية وكلما كانت الأحداث مثيرة كلما أقبل عليها الطفل بالإضافة على طريفة الإلقاء المستوفية (الحكواتي) ومن تجارب شخصيته رأينا مدى تعلق الطفل بصوت الحكواتي فالقصة وطريقة إلقائها تعكس ما بداخل الطفل و تشده للسماع. وهذه الطريقة تجعله يحتفظ بالقصة ويبقى بتذكرها. إلى عمر متقدم من حياته كما أن القصص القاسية تجعل الطفل يتأثر بها مثل قصة بقرة اليتامى وسندريلا من نجدها على ألسن أغلب الأطفال.

الكتاب يجعل الطفل يشعر بالأمان يوجه اهتمامه والاقتراب من الإيجاب

 

 

 

كما أن الفصحى في الأفلام والرسوم قد تسهل عملية الاستيعاب والفهم لديه لذا لاحظنا أثرها في حديثه وإنشاءاته المقترحة.

والطفل بطبعه مثال إلى التقليد بالحسن والقبيح والتربية والكتابة فعندما يقرأ قصة يحاول أن يتمثل دور البطل الشخصية القائمة بالفعل الرئيسي في القصة لذا وجب علينا مراعاة هذا الجانب خاصة البصري لأنه الأكثر إقبالا والأكثر انتشارا وقتنا الحالي، لذا وجب أن تكون الأهداف التربوية في القصة أهدافا سامية مشتقات من تاريخ أمتنا، وتنمي فيهم بذل النفس والمال وكذلك روح القيام بالأعمال وتنبذ منهم طول الانتظار والاعتماد والحمول ينقلهم أدبا بصور لهم الحياة خيرها وشرها وعليه التميز بين الحق والباطل فيها، وأن تنمي فيهم حب الوطن وكيف القيام بالأعباء حتى لا ينشئوا أيتام على موائد الأصحاب ولأن الطفل يحب التسلية ويميل إلى الجد فإذا قدمنا له قصة ترفيهية تعليمية لابد أنه سيستقبلها وتنغرس في ذهنه فالصورة والصوت تسهل وتسرع القدرة على التثبيت والاحتفاظ لأن الذاكرة مجهزة للاستيعاب أكثر من السماع فقط.

إن التربية التي يتلقاها الطفل عن طريق الأدب ليست بأقل مما يتلقاها في مدرسة أو على يد والديه أو عن طريق مجتمعه لأن التربية بآداب مختلفة مهما كان نوعه مقروء أو مسموع أو يرى فإنها ترسخ في ذهنه شأنها شأن النصيحة عندما تكون لمصلحته، الأهداف التربوية في أدب الطفل أهدافا سامية منتقاة من مجتمعنا كأن ننتمي فيه روح النضال ومواصلة المشوار وعدم النور لأول عرقلة، أو عدم الانحناء أمام ملذات الحياة فكيف وهو لا يزال تلك القصص التي حكتها الجدة والخالة.

كما تعتبر الكتب المدرسية أدب للأطفال إذا أنها تتاح عقلي واستبعاد لكل مرحلة فتلاحظ الفرق الموجود بين المقررات الخاصة بكل صنف كما أنها تراعي فذات الطفل واهتمامه فيما تقدمه من مواد دراسة منهجية وهي أهم كتاب بتعامل معه الطفل في بداياته وكمرحلة عمرية لابد أن يجتازها بنجاح وما نتوق إليه هو أن لا يتجاهل كتب الطفل المدرسية هدفها المتمثل في العلم والتعليم واكتساب الطريقة الصحيحة، حيث يكون تفكيره منطقيا سديدا بعيدا عن العصبية أو الذاتية والطغيان الأعمى لأن الحفظ والاستظهار والاعتماد على الذاكرة لا ينجح في إعداد الفرد والمفكر الذي يحسن الحكم على الأمور وتقدير العواقب والذي يستطيع السير في مجتمعه.

ولأن اللغة وسيلة لتمثيل الأفكار فهذا الرابط يوثق الصلة بين اللغة والتفكير كما يعمق أثر أدب الطفل ويزيد في تأثيره.

يمكن لأدب الطفل أن يدعم بقوة تربية الروح والتي تنوي إلى بناء شخصية صحيحة ويقوي فيه الصفات التي تدعم الفكر والابتكار وهو يعده لعالم الغد بكل ما يحمله من تغيرات.

كما يقوم أدب الطفل بإثراء لغته وهو الدور الذي تقوم به القصة والمسرحيات والأناشيد الطفولة الهادفة وغيرها من الإنتاجات الأدبية كما تدعم القيم والصفات المختلفة لعمليات التفكير الإبداعي وهي مراجع تدعوا إلى دقة الملاحظة والتأمل والاستنتاج وقيام التلميذ بالتعبير عن إحساسه هو في حد ذاته إبداع وكتابه انطباعه واستنباط نهاية قد تكون ذات رسالة وهدفها:

– تنمية قدرات التلميذ.

– تعويده على السلاسة والانطلاق

– تنمية خيالية (كتب الخيال العلمي).

– ترسيخ الخبرات وتوسيعها.

– التدريب على جمع الأفكار وإثراء رصيده.

– وإذا كان الطفل لا يستطيع الكتابة بنفسه (طفل الروضة).

ملأ بسبب عدم امتلاكه مهارة الكتابة بعد فإنه يلجأ للتعبير عن أفكاره ومشاعره شفويا ويقوم المعلم أو المعلمة بكتابة ما يمليه الطفل.

وعلى الرغم من أن الكتابة الإبداعية تتم خارج الصف إلا أنه وإذا جاءت الفرصة كحدب وفاة أو فرح أو صور رآها التلميذ أو سقوط الثلج مثلا فلنا الحق بأن نترك الطفل يبدع ويعبر عن رأيه ثم نتاجات التلاميذ وتصحيحها، الأهمية من أن يكتب الطفل:

– مساعدته على القراءة

– الكتابة الجيدة

– إثراء رصيده.

– إيقاظ  فكرة التعلمي

– الصنعة.

إذا كانت تلزم الكتابة للطفل يجب توافر معرفة الأصول والقواعد التربوية والنفسية للطفل فهو فصل إلزامي لمخاطبة الطفل والحرص على المواصفات الخاصة بكتاب الطفل كما أن السعر له نفس الدور والخصائص الحاملة مع القصة كالسهر الملحمي الذي يحكي البطولات وقصص الملامح والشعر التعليمي والذي يصور الخصائص جماليا وترفيها.

أما عن الشعر فقد لاحظ العلماء استعداد الطفل ليتقبل الموسيقى والشعر ذو الإيقاع بالدرجة الأولى وربما يرجع ذلك لكثرة ما كتب من شعر للطفل طوال تاريخ الحضارة الإنسانية فالإيقاع لديه تأثير ساحر.

وخيرها ما نختم به قصيدة خطاه من المعلي:

وإنمـا أولادنـا بنيننــا ********** أكبادنا تمشي على الأرض

إن هبت الريح على بعضهم ********* لا متنعت عيني عن الغمض

 

وهنا تقول كلمة لابد من قولها

يجب العودة إلى التراث الجزائري ونقص ما كان عليه من غبار لتسهل منه نتاج جديد للطفل يحمل خصوصيته المنطقة وثقافتنا الجزائرية وذلك من طرف الكتاب المختصين وليس الأكاديميين فقط، بالإضافة إلى الموهوبين من يستطيعون الكتابة للطفل، كما تفعله الأعمال العالمية المترجمة للطفل مثل صاحبة الرداء الأحمر، وفلة والأقزام ورمودة.

لأننا نعرف ما يريده الطفل وماذا يريده من قصة نكتبها له لأنة هناك من يكتب للطفل لأنه فشل في الكتابة لغيره يقول برنادشو “لقد فقدت الطفل الصغير لذا أنا لا أكتب للطفل”.

والهدف الأسمى من أدب الطفل إثراء خيال الطفل هو الابتعاد على التعقيد وتصفيد خياله وخاصة ونحن في مجال نعرف ما يعانيه الطفل وما يحياه من حمول وابتعاد عن الابتكار وتشغيل فكرة كما نراه في ساحة اللعب وفي الغناء فلا نجده اليوم إلا محاصرا بين جدران وقوانين قاهرة.

فالمجلات الخاصة بالطفل لها فأغلبيتها ونحن نتذكر مجلة مقيدس والتي صدرت عن الشركة الوطنية للنشر والتوزيع عام 1969 وقنيفد سنة 1972 وهذه الكتب تحتاج إلى مبادرات وتشجيعات مادية لتضمن لها الاستمرار لكن النقص أفقدها الانتعاش فتسارعت هذه المجلات للانتشار بسرعة وأغلقت بالتدرج مع تطور الإعلام والتليفزيون والفضائيات والتكنولوجيات.

 

 

اعلن على موقع بصراوي

عن إزدهار بوشاقور

إزدهار بوشاقور أستاذة لغة عربية  خريجة جامعة الجزائر ليسانس أدب عربي من مواليد 06 فيفري 1975 بمدينة الشلف والتي تبعد بكيلومترات عن العاصمة الجزائر أنا خريجة الجامعة الجزائرية ولي العديد من الروايات أولها صدر لي عام 2006 بعنوان
لص في مملكة الأحرار والثاني 2010 بعنوان كُبُو"َ ثم ألماسة 2011 ثم الجزائر شاطئ إستوقف النظر 2013 ثم البَتُر 2015  دروس في الوطنية 2017  الكتابة شيئ مقدس لديا لذا أوصي كل محب للكتابة أن لا يبخل علينا بعطائه

شاهد أيضاً

الدكتور عباس خلف التميمي: قائدٌ رائد في تطوير الرعاية الصحية بالبصرة

الدكتور عباس خلف التميمي: رائد التحسين الصحي وقائد الرعاية الصحية في البصرة المدير العام لصحة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *