معرفة الأديب

معرفة الأديب

الدكتور خالد حوير الشمس/ ناقد عراقي
تعريف الأديب :
بودي أن أقدم بعض الخواطر ، بحسب ما جمعته الذاكرة، وبناء على الحاجة الماسة، وانطلاقا من الحضور المعرفي الذي يتوافر على بعض الأدباء ، الذين يمثلون مشروعا ثقافيا ، وإنسانيًا، بواقع اقتراب الأدب في تكوينه من واقع الانسان .
اول ما ابدأ به هو اعطاء تصور عن الأديب.
ولفظة ( أديب) على وزن فعيل ، مشتقة من (أدب) بمعنى معجمي ماخوذ من المأدبة والتناول ، آو مأخوذ من التأدب، فيقال :فلان ذو أدب عال ، إشارة إلى خلقه الزين .
وقد دلت في العرف قديما وحديثا على التناولات الكتابية، والتعبيرات عن الإحساس. شريطة امتلاك الوجدان العالي، والذوق اللغوي المرهف ، وشدة الخاطر ، وحدة الذهن ، وسرعة البديهة، وبوادر الإبداع.
والآدب صنعة ، والاديب أساس الصنعة ، والأدب ضوابط وفوضى ، والأديب مصدرهما ، والأدب سياح محكم صعب اختراقه ، والأديب الوحيد الذي يقدر على ذلك ، والأدب علم بيني ، يجمع العلوم شتى ، والأديب إن لم يمتلك ناصية العلوم لا يقتدر على صناعة الفكرة ، ولا إيصال المعنى ، والأدب لا يكون إلا بوجود سيناريو متقن ، يعتمد على ثنائية الرسم واللارسم ، والأديب ذلك المخرج الحصيف ، والأدب مرآة الواقع ، والأديب الاقدر على تصوير الواقع ، والأدب يهتم برصد العيش المر ، الأليم، وخيال الأديب كفيل بجعله مستساغا .
وملخص الحديث عنه : الأدب لغة تعتمد على أسلوب الأديب، بل الأديب هو الذي يجدد ولا يقلد ، ويبتكر ولا يردد صور الادباء قبله ، وقد سمعت كلمة من مالك المطلبي يوم التقينا في موتمر جامعة دجلة الأهلية قبل بضع سنوات أننا اذا بحثنا عن صورة ادبية جديدة عند الشعراء فلا نجد جديدا !!!
وفي لفظ اللغة تفصيل واسع ، فقد ننقاد الى الطابع النحوي ، والبلاغي ، والإقناعي ، والتداولي ، والمعجمي ، مطرزا ذلك بثوب جديد يلائم كل سياق بحسب ثقافة كل عصر ، فقد لا يستسيغ المتلقي في العصر الحديث كلمة اعشوشب ، وتكأكأوا علي كتكأكأكم ….
الادب ليس محاولة ، ولا تجارب ، بل هو قول فصل، وهو مشروع عقلي ووجداني في الآن نفسه، يستوعب الحياة ، ويعيد صياغتها.
الذي يحدث في العصر الحديث وفي ايامنا هذه كثرة الأدباء، وتنوع الآداب ، فلا تحصي أهل الجنس الأدبي، الا وأنت تجد كمًا قليلا يثلج وعيك ، وكمًا كبيرًا يجعلك كارهًا لروحك ، وناقمًا عليه ، وليته يتقبل النقد ، فكلٌ يغني على ليلاه ، ولعمري إنهم يعيشون في جمهورية الوهم ، ودائرة الجعجعة ليس الا، وحتى إنك لا تقف على رصانة الرجولة ، ورزانة العقل الحكيم، وذاكرة السبق الفكري ، فقد قيل عن هوميروس إنه تمكن من عالم الحروب ، وكتب فيه ، وتغنى خير تغنٍ قبل أن تصبح الحروب فنًا ، ونظامًا فذاك هو الشاعر صانع ، ومفكر .
واخر ما أتحدث عنه أخلاق الأديب، وأعني باخلاقه سلوكه اليومي ، وفنون المفردات في أدبه ، لان يبقى لصيقا ذلك في سيرته، فمن كان السوء مركوزا في طبائعه ، فليراجع سلوكه ، وليراجع سيَر الافذاذ عند الخصومات .
وما ينضوي في خلق الأديب تحمُلُه ، واتساع صدره ، وانشراح وجهه ، فلا داعي للزمجرة حينما يمُسُك الناس ، او يمسوا أدبك ، وللعبرة فقد قيل عن المتنبي وشعره : ليس شاعرا ، وفي شعره رنين ، وقعقعة ،واسلوبه لا يتعدى الخطابية . وقد قيل عن شعر الجواهري : لا قيمة له على الإطلاق، ولامنحى تاريخي فيه، ولا يحوي تجارب ولا نضالات ، بل شعره كله عنتريات ، وشعارات.
وماذا عسانا ان نقول عن أدبب المحدثين حينما يصفونه مثل الريحان ، يفوح عطره ثم يذوي عوده فيرمى ، مهلا هداك الله ايها الأديب المغرور ، والناظم المتعالي ، فثمة فرق بين أديب مكين ، رصين يصدق في تعبيراته ، وبين أديب ناظم ، وحاك ( ينظر محمد حسين الاعرجي رحمه الله الصراع بين القديم والجديد في الشعر : ١٥٩- ١٦٠ )

اعلن على موقع بصراوي

عن محمد حسين

محمد حسين العبوسي رئيس منظمة الشباب العربي ومدافع عن حقوق الانسان

شاهد أيضاً

الدكتور عباس خلف التميمي: قائدٌ رائد في تطوير الرعاية الصحية بالبصرة

الدكتور عباس خلف التميمي: رائد التحسين الصحي وقائد الرعاية الصحية في البصرة المدير العام لصحة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *