الشغف هبة سماوية أم لعنة أبدية؟
الشغف هبة سماوية أم لعنة أبدية؟

الشغف هبة سماوية أم لعنة أبدية؟

الشغف هبة سماوية أم لعنة أبدية؟

بقلم محمد عبد الكريم يوسف

قد يكون الشغف هدية رائعة للإنسان و حافز للاكتشافات العلمية ، والعبقرية الفنية ، والإنجازات الرياضية ، وغيرها من الأعمال الرائدة.  ولكن ، في الوقت نفسه ، يمكن أن تكون العاطفة أيضًا لعنة مروعة وهاجس مخيف بمنع الإنسان من التكيف ويمكن أن يؤدي إلى سلوك غير أخلاقي وإثارة القلق و الاكتئاب.  تم تصنيف العديد من الناس وفق معيار السعادة  فقد كان أسعد الأفراد في العالم وأكثرهم إلهاما متحمسون للغاية  ، ولكن الأمر نفسه ينطبق على العديد من الأشخاص الأكثر انزعاجًا والأكثر انخراطا في عمليات الاحتيال في العالم.

يحدث أن يكون الإنسان فنانا أو كاتبا أو مهندسا أو نحاتا ويشغف بمهنته كثيرا ويستكشف التفاصيل ويختبر العاطفة الجيدة والعاطفة الشريرة ، وبعد مضي ردح من الزمن يكتشف السؤال الكبير الذي يؤرق الشغوفين بعملهم وهو : ” هل يتحكم الإنسان بشغفه أم شغفه يتحكم به؟ “

للإجابة على هذا السؤال يمكن أن يقارب الإنسان ثلاثة موضوعات أساسية  هي :

القيادة من الداخل:

عندما يمتلك الإنسان الدافع والرغبة للقيام بعمل ما يمتلكه نشاط منقطع النظير ويشعر بالمتعة الكبيرة في أداء عمله ، وقد يقوم الإنسان الشغوف بعمل ما لغاية إثارة إعجاب الآخرين. وفي هذه الحالة علينا الانتباه إلى أن الشغف لا يأتي من الرضا الذي نحصل عليه من تقدير خارجي  أو بهدف الحصول على جوائز معينة ، ولكنه يأتي من إدراك الإنسان أنه يقدم ما لديه من خبرات ومعلومات وابداع وابتكار في انجاز عمل ما دون انتظار التحفيز من الآخرين لهذا العمل . الشغف أب للإبداع والابداع أب للابتكار لهذا السبب يجب أن يسأل المرء نفسه دائما عما إذا كان يفعل شيئا ما بهدف إرضاء الآخرين أم لأسباب داخلية صرفة ، وإذا الجواب الصادق هو إرضاء الأخرين ، سيكون من الحكمة أعادة تقييم الشغف لدى الإنسان .

 إرضاء الأخرين مصدر للمعاناة :

غالبا ما يؤدي الانغماس في إرضاء الآخرين للمعاناة ، وفي اللحظة التي يبدأ فيها الإنسان الاهتمام بالناس والحكم على النفس وفق ما يراه الأخرون في عمله بدلا من تحقيق المعايير الذاتية ، تبدأ الكارثة ويتحول الشغف إلى لعنة محققة ، والسبب في ذلك هو أن إرادة الإنسان وقيمه الذاتية تصبح مرتبطة بعوامل خارجية عن الإرادة. وعندما ينحرف الشغف عن مساره الحقيقي يصبح الطريق نحو النجاح محفوفا بالخطر وقد يتعرض المرء للفشل ، وقد يتحول النجاح إلى مجرد وهم . إن ربط نشاط الإنسان برضا الأخرين عليه يجلب له المعاناة ويعرضه للفشل والقلق وعدم الاستقرار.  

فكرة تحقيق التوازن وهم :

خدعوك وقالوا يمكن تحقيق التوازن في الحياة . عندما يصبح الإنسان شغوفا بموضوع ما أو بعمل ما ، يصبح مدفوعا بعوامل داخلية وقد يكون لهذا الشغف كلفة كبيرة فكل شيء نتركه خلفنا يتطلب تضحية كبيرة وبالتالي يصعب تحديد العواطف الحقيقية التي تقف خلف الشغف. قد تكون العواطف التي تقف خلف الشغف جيدة وقد تكون سيئة ، والمفاضلة المرتبطة بالعواطف غير دقيقة في غالب الأحيان وعلى الإنسان أن يقيم المقايضة المرتبطة بالعواطف لأنها في أغلب الأحيان تجافي الواقع.

نتعلم في الكليات والفلسفة أن الإنسان السوي هو من يحقق التوازن بين حاجات العقل وحاجات الروح ولكن في الحياة الواقعية الحقيقة يصعب تحقيق معادلة التوازن نتيجة عوامل داخلية وخارجية تحيط بالإنسان .

يعد الشغف موضوعا رائعا له تداعيات كثيرة وحقيقية على الإنسان ، كل إنسان ، فكل إنسان مدفوع بشغف ما نحو موضوع ما في كل مجال من محالات الحياة . وعلى الإنسان أن يميز طبيعة شغفه في الحياة ودوافعه التي تقوده لتحقيق هذا الشغف ، وعليه أن يمون أكثر وعيا بالخير والشر المحيط بهذا الشغف حتى يتمكن من قيادة شغفه  لا العكس وحتى يضمن الإنسان أن شغفه في الحياة هبة سماوية وليس لعنة أبدية .

اعلن على موقع بصراوي

عن محمد عبدالكريم يوسف

محمد عبد الكريم يوسف (1965-) مواليد قرفيص/ سورية . مدرب ومترجم وأكاديمي و محاضر في الجامعات السورية رئيس قسم الترجمة سابقا في الشركة السورية لنقل النفط رئيس دائرة العقود والمشتريات الخارجية سابقا في الشركة السورية لنقل النفط رئيس دائرة التنمية الإدارية في الشركة السورية لنقل النفط سابقا . كاتب في العديد من الصحف العربية والأمريكية باللغتين العربية والانكليزية ، رئيس دائرة التأهيل والتدريب في الشركة السورية لنقل النفط ، حاليا رئيس المركز السوري للتنمية المستدامة 2019 . مؤلف لأكثر من 35 كتابا "يأتي في طليعتها " معجم مصطلحات وقوانين الشحن البري البحري الجوي" و"قاموس المنتجات الصناعية ، وكتاب " الصياغة القانونية للعقود  التجارية في القطاع العام والخاص والمشترك باللغتين العربية والانكليزية

شاهد أيضاً

الثورات الملونة حرية  أمريكية برائحة الدم

الثورات الملونة حرية  أمريكية برائحة الدم محمد عبد الكريم يوسف لعبت الثورات الملونة على مر التاريخ،  دورا هاما في إحداث التغييرالاجتماعي والسياسي في جميع أنحاء العالم. و أحد أنواع الثوراتالتي اكتسبت الاهتمام في العقود الأخيرة هي الظاهرة المعروفة باسمالثورات الملونة. وقد لعبت هذه الانتفاضات اللاعنفية، والتي تتميز عادةباستخدامها للاحتجاجات السلمية والعصيان المدني، دورا فعالا فيإسقاط الأنظمة القائمة وتعزيز الإصلاحات الديمقراطية في بعضالبلدان.   تشمل أمثلة الثورات الملونة الثورة الوردية في جورجيا عام ، والثورةالبرتقالية في أوكرانيا عام التي حدثت عامي ٢٠٠٣ و ٢٠٠٤  . وقد أثارنجاح الثورات الملونة مناقشات بين العلماء وصناع السياسات حول مدىفعاليتها وشرعيتها. والتأثير المحتمل على السياسة العالمية. ويرى البعضأن هذه الثورات أحدثت تغييرات إيجابية من خلال تعزيز الديمقراطيةوحقوق الإنسان والحكم الرشيد في الدول الاستبدادية. ومع ذلك، أعربآخرون عن مخاوفهم بشأن دور الجهات الخارجية، مثل الحكوماتالأجنبية والمنظمات غير الحكومية، في التأثير على هذه الحركات ودعمها. ومن خلال دراسة الحالة الخاصة بالثورات الملونة والأدبيات العلمية حولهذا الموضوع، يمكننا أن نفهم بشكل أفضل ديناميكيات هذه الانتفاضاتوآثارها على مستقبل السياسة العالمية. يشير مصطلح “الثورات الملونة” إلى سلسلة من الانتفاضات الشعبيةالتي شهدتها بلدان مختلفة حول العالم خلال العقود القليلة الماضية. وتتميز هذه الثورات بطبيعتها اللاعنفية واستخدام الاحتجاجات السلميةوالعصيان المدني وغيرها من أشكال التعبئة الجماهيرية لتحقيق التغييرالسياسي. وقد شاع مصطلح “الثورات الملونة” بين وسائل الإعلاموالمحللين السياسيين لوصف هذه الحركات، التي غالبا ما تستخدم لونامحددا كرمز لأهدافها وغاياتها. وعادة ما تشتعل شرارة هذه الثوراتنتيجة لعدم الرضا على نطاق واسع عن الفساد الحكومي، أو الحكمالاستبدادي، أو تزوير الانتخابات، أو انتهاكات حقوق الإنسان. غالبا ماتبدأ كاحتجاجات صغيرة النطاق، ولكنها سرعان ما تتصاعد إلى حركاتأكبر وأكثر تنظيما تجتذب شريحة واسعة من المجتمع، بما في ذلكالطلاب والمثقفين والعمال والمهنيين من الطبقة المتوسطة. وقد لعباستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من أشكال التكنولوجيادورا حاسما في نجاح هذه الحركات، مما سمح بالتواصل السريعوالتنسيق وتعبئة المؤيدين.  ومن أشهر الأمثلة على الثورات الملونة “الثورة الوردية” في جورجيا عام٢٠٠٣، و”الثورة البرتقالية” في أوكرانيا عام ٢٠٠٤، و”الثورة الخضراء” في إيران عام ٢٠٠٩. وأدت هذه الثورات إلى تغييرات سياسية كبيرة. فيكل بلد، بدءاً من الإطاحة بالقادة السياسيين إلى إجراء انتخابات حرةونزيهة. وفي حين لم تكن كل الثورات الملونة ناجحة في تحقيق أهدافهاالمعلنة، إلا أنها كانت بمثابة تذكير قوي بإمكانية الحركات الشعبيةالسلمية لإحداث التغيير حتى في البيئات السياسية الأكثر قمعية. –  ماهية الثورات الملونة وأهميتها في التاريخ السياسي الحديث. الثورات الملونة هي سلسلة من الانتفاضات اللاعنفية التي حدثت فيبلدان مختلفة حول العالم، وتتميز باستخدام لون معين كرمز للحركة. وقدلعبت هذه الثورات دورا هاما في تشكيل التاريخ السياسي الحديث منخلال إظهار قوة الاحتجاج السلمي والعصيان المدني في إحداث التغييرالديمقراطي.  اكتسب مفهوم الثورات الملونة مكانة بارزة لأول مرة في أوائل العقد الأولمن القرن الحادي والعشرين، وكانت الثورة البرتقالية في أوكرانيا عام٢٠٠٤ واحدة من أبرز الأمثلة. وكان المقصود من استخدام اللونالبرتقالي كرمز للحركة إيصال رسالة الوحدة والأمل، حيث خرج آلافالأوكرانيين إلى الشوارع للمطالبة بإجراء انتخابات نزيهة وشفافة. وكاننجاح الثورة البرتقالية في إلغاء نتائج الانتخابات  والبدء بعصر جديد منالديمقراطية سببا في إلهام حركات مماثلة في دول مثل جورجيا،وقيرغيزستان، وأرمينيا. وقد أظهرت الثورات الملونة أهميتها في التاريخالسياسي الحديث لأنها أظهرت أن التغيير يمكن تحقيقه من خلالالوسائل السلمية، دون اللجوء إلى العنف أو الصراع المسلح. ومن خلالحشد الاحتجاجات الجماهيرية والعصيان المدني، تمكنت هذه الحركاتمن تحدي الأنظمة القائمة، والمطالبة بإصلاحات سياسية، ومحاسبةالحكومات على أفعالها. ومن خلال قيامها بذلك، أظهرت قوة النشاطالشعبي في تشكيل مسار المستقبل السياسي للأمة. في عالم تشيع فيهالاضطرابات السياسية والاضطرابات، تعد الثورات الملونة مثالا  لكيفيةاجتماع المواطنين العاديين لإحداث تغيير إيجابي في مجتمعاتهم. ومنخلال تسخير قوة العمل الجماعي والمقاومة اللاعنفية، حققت هذهالحركات إصلاحات دائمة ومهدت الطريق لمزيد من الحريات السياسيةوحقوق الإنسان. وعلى هذا النحو، تقف الثورات الملونة بمثابة شهادة علىروح الديمقراطية الدائمة وقدرة الروح الإنسانية على الصمود في مواجهةالشدائد. أمثلة على الثورات الملونة:  كانت هناك أمثلة عديدة للثورات الملونة عبر التاريخ والتي شكلت المشهدالسياسي للبلدان في جميع أنحاء العالم. ومن بين الأمثلة الأكثر شهرةالثورة البرتقالية التي اندلعت في أوكرانيا في عام ٢٠٠٤. ففي أعقابالانتخابات الرئاسية المتنازع عليها، نزل الآلاف من الأوكرانيين إلىالشوارع للاحتجاج على النتائج والمطالبة بإعادة التصويت. وأدتالاحتجاجات السلمية في نهاية المطاف إلى إلغاء نتائج الانتخاباتوانتخاب رئيس جديد.  ومن الأمثلة البارزة الأخرى الثورة الوردية في جورجيا في عام ٢٠٠٣. فبعد انتشار الاتهامات بتزوير الناخبين في الانتخابات البرلمانية، احتشدالجورجيون في احتجاجات سلمية أدت في النهاية إلى استقالة الرئيسوانتخاب حكومة جديدة ملتزمة بالإصلاح الديمقراطي. تعتبر الثورةالمخملية في تشيكوسلوفاكيا عام ١٩٨٩ مثالاً آخر على الثورة الملونةالناجحة. أدت الاحتجاجات والإضرابات الجماهيرية إلى انهيار الحكومةالشيوعية والانتقال إلى نظام حكم ديمقراطي. تسلط هذه الأمثلة الضوءعلى قوة الاحتجاج اللاعنفي والحركات الشعبية في إحداث التغييرالسياسي. ومن خلال تعبئة المواطنين والمطالبة بالمساءلة من حكوماتهم،أظهرت الثورات الملونة أن التغيير ممكن حتى في مواجهة الأنظمةالاستبدادية الراسخة.  – الثورة البرتقالية في أوكرانيا (٢٠٠٤) …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *