ليسَ هَلوسة ... ولكن
ليسَ هَلوسة ... ولكن

ليسَ هَلوسة … ولكن

ليسَ هَلوسة … ولكن

 بقلم: عوني شبيطة

احسُ بشئٍ ما يمشي خَلفي

عساهُ إله يشدُ على كَتفيهِ عصاهْ

في طَرفٍ صِرةُ زادٍ

وفي طرفٍ قِربةُ ماء

الى اين تسوقني يا ابتي

الى “كوفي شوب”

الى بار!

يراقبُني الشرطيُ

وبائعةُ الوردِ مَلّت من هَوسي بنشيد  الشَفق المتدفق

بين يديها الخَضراوين

وهشيمٍ مُدقع في جَيبي ابدي

أما سيدةٌ من “شهود يهوه”

دَست في كفي بضعَ كتابٍ تُزينهُ هالةُ قديسٍ بِالالوانِ

ورسمةِ هُدهدةٍ خاشعةٍ تَبدو بريئَة

قالت: سيفيضُ في صدرِك نورٌ وهاجٌ

وستخلصُ من كل خطيئة

ناديت: يا نادل كأس ماء

قال: لا يوجد ماء

عندي خمرٌ  وحَشيش

قلت اني اسكرُ من قطرةِ خمرٍ

وعلى بعضٍ منها اطيش

قال: في دُرجي “مارغوانا” صنفٌ اول

“وافغانيٌ” جَيد

قلت: عفوكَ يا سَيد

إني اسكن وادي الجِن

وحورياتُ البحر عشيقاتي

 لي ألفُ مَدار

و ستةُ اقمار

لكني قلِقٌ

وأعشابُ النَشوةِ في دُرجِك وكؤوسُ الخمر

تنكأُ في قلقي فيشتدُ ويكبر

قال: ماذا تريد اذن

قلت: كأسَ ماء

كي اروي ديمةَ ليلٍ يبُسَت وهي تحومُ

فوقَ شَجرةِ زيتونٍ في بلدي

ضحكَ السمارُ

ودلعَت إمراةٌ نهداً ذابلَ خلفَ سدولِ دُخان

وصاحت هازئةً

تعال صغيري الكَهل ارضَع، مُص

ونَم في حُضني قريرَ العين

هربتُ من المَقهى عطشانا

تطاردني قهقهةُ النادل وسخريةُ المومس

وزجاجُ الخمر على الرَف

لم انظر للخلف

إذ ما زلتُ احسُ بشئ ما يمشي خلفي

عساه  إله

يشدُ على كتفيهِ عصاه

الى اين تسوقني يا ابتي

الى كلإ وماء !

سفوحُ القدسِ جرداء

ووديان اريحا يباب

ابتي!

اني سمعتُ رضيعاً في المَهد يُلقي

خِطاب بروباغندا في اهلِ “يبوس”

عن الحُب وقَيصر

وعسلِ النَهدين

والحورٍ عين

وحَلِ الدولةِ او اكثر من دولَة

 في بئر مُهمل تحتَ شجرةِ خوخٍ يابسةٍ في قريةِ “جيوس”

وسمعتُ القولَ

اني اتممتُ اليومَ عليكم نِعماتي كاملةَ ورضيتُ لكم

ما رضيَ الله

خلعتُ الاجراسَ من عُنقي

وناديتُ باعلى صوتي: ما تمَ شئٌ وما رضيَ الله

إن انتَ رضيعُ كريمتِنا حقاً

هاتَ عصاكَ وحفنةَ احجارٍ وتعال

نطهرُ “فِناء الأُمَم” القُدسي من كل سماسرةِ الكون

سماسرةِ البورصات

وقِطعِ النَقد الرومانيةِ والدولار

قُطّاعِ الزيتون، سُراق الارض، وصُنّاع الحرب

قال: قد جَنحوا للسِلم

قُلت: بل خَطوا حلفاً مع فرعَون

وأعراب الكاز

كي ينحروا فينا الأملَ

من جعلَ

غزةَ اكبرَ سجناً

واشدَ سجون العالم بؤساً في التاريخِ البَشري

يا اهلَ يبوس ورام الله وعموم فلسطين

تكالبتِ الاحزابُ على دمِنا الأخضر

فليس امامَنا غيرُ الخندق

فليس امامَنا غيرُ الخندق

فحَذاري من الاحزاب ومن ثوريٍ  “ڤ يپ” جاءوا بهِ

من سِجنٍ او مَنفىً او ديسكو  

كي يصيرَ معاونَ سجانٍ او مُخبِر

خلفَ جدار الفصل الهَمجي  

حذاري حذاري .. أُكَرِر

ولن انظرَ للخلف

إذ  ما زلتُ احسُ بشئٍ ما يمشي خلفي

عساهُ إله يشدُ على كتِفيهِ عَصاه

الى اين تسوقُني يا ابتي

الى البحر!

لي في هذا البلدِ اهلٌ

لي ظلٌ

لي عيشٌ وكِناس

يا سُفنا  تمخرُ من بحرٍ مُتخَم لبحورٍ مُعدَمةٍ

البوقُ يصمُ الاذان

يُعذبُني الدَوار

واخشى ان ينكسرَ سَفيني

او يُلقيني البحارةُ للموج

يا سادة اني لا اتقنُ فَن العَوم، يا ناس!

من قالَ لكم ان مَن سارَ على وجهِ الماءِ بضعَ دقائق

صارَ سباحاً ماهر!

يا حوتُ حنانَيك ابلَعني

من سوفَ تشقُ على موتي الجيبَ وتَعفُرُ شعرَها بالرمل

من يحفرُ لي قبراً في البحر

او في بلدٍ لا اعرفُ احداً فيها.. بَعيدَة

علّي جلتُ في ازقتها العتيقةِ سائحاً مُتَفرِجا

ونسيتُ ملامحَ اهلِها في الةِ التَصوير وانشغالاتي العديدَة

يا حوت حنانَيك

ارجِعني من حيثُ اتيتُ

او اقذِفني تحتَ شجرةِ ليمونٍ في يافا

(آهٍ يافا ،

كم كنتُ اعُدُ موجَ البَحر

كي تنامَ نورسةٌ صَغيره

وكم نسمةٍ ورقاءَ كانت تعودني في عِز الظَهيره

فاغفوعلى إيقاعِ همستِها واحلمُ انني اصطدتُ قصيدة)

يا حوتُ حنانَيك

شطآن البؤس تعُج

من اين جاءوا من اي ركنٍ من اي كوخٍ من اي فج

اني اراهم هائمينَ ذاهلينَ كالسائرينَ بنومِهم

أما تراهُم تائهينَ

في الموج، في زُرقةِ المَوت المُذلِ

علّهم اهلي، اينما البؤساءُ حَلّوا كانوا اهلي

يا حوت انتَ ادرى بخفايا اللُج، قُل لي

 الى اين هم ذاهبون

لا خفرَ السواحلِ يَخفُ ليسعفَهُم

ولا سفنُ الانقاذ التابعة لمنظمةٍ تُعنى بحقوق الانسان

ولا  انتَ يا حوت!

ولا  انتَ يا حوت!

يا حوت!

 أكلما لاحت جرادةُ في المدى

ودعَنا الفَراشَ على دمع القرنفل في الحدائقِ والندى

صَدقنا كم صدقنا ما وعدَ الصَدى

فولينا شطرَ البحر اوجُهَنا

 لنعيش حقاً  ام نموت !؟

للبحر لا .. للبحرِ لا.. يا بحر لا..اقول لا لا

اصرخُ، استصرخُ، اتوسلُ، ابكي، أُنادي

للبحر لا.. يا بحر لا

أنما من أنا !  من أنا لاقولَ لا، من أنا

يا ناس ! اقول لا وساقول لا، لا

انا لستُ شيخَ عصابةِ تهريبٍ

لأقولَ لكم  ولصاحبِ قاربِ صيدٍ مُهترئٍ

البحرُ وديع

والموجُ الهائجُ املسُ من أستِ رضيع

ولستُ نبياً يعِدُ المقهورينَ بأنَ

 خلف البحرِ سَلوى وخلف البحر مَنّا

 “وبلّي ستيشن” وجوالاً حَديث

اقول لا

 اتوسل، ابكي، اصرخ استصرخ، انادي

للبحر لا يا بحر لا

ولا انظرُ للخلف

الى اين تسوقني يا ابتي

الى الصحراء!

ماذا اعملُ في الصحراء

 في سِري

عَشِمتُ أن يملأ صدري هواءٌ مرشوشٌ برذاذِ الغَزل العُذري

فلواتُ العشقِ براحٌ،

 فاسرح وامرح يا قلبي واجعل منها ايكاَ وعِتابا ونشيدَ ربابَه

في أفراحكَ يورفُ فرحي المكسورُ وينتعشُ

من صدري تسيلُ دماءٌ سوداء

قيرٌ وبارود

يا قلبُ ما بكَ ساكنُ لا ترتَعشُ

لا نخلاً  ابصرُ لا ظلا

ابراجٌ عاتيةٌ فوقَ الرَمل

تطعنُ عرشَ ألله بلا شَفقة

مضاربُ إسمَنت

زجاجٌ وحديدٌ لا روح فيها ولا نبض

تَلتهمُ البشرَ والشجرَ

واحلامَ الغرباءِ الفقراء عبيدِ العصر الراهن

اضواءٌ عَمياء  

لا تبينُ الخيطَ الأسودَ من الابيضِ في الصبحِ

الشمسُ تَمرغُ باليرقان ولما تدخل في الحِجر الصِحي!

اشباحٌ صفراءٌ تجولُ في قَفر الزفت الحارِق

(عبثاً  المحُ عصفوراً مُتأنِق،

يداعبُ مِزماراً سِحرياً كي يوقعَ بشباكِ الحُبِ غزالَة!

عَبثاً ابحثُ عن جنيٍ تائِه

يحملُ لي تحت جناحيهِ قصيدةَ شعر 

او من لَيلايَ رِسالَة)

هل سمِعت تلكَ الاشباحُ المُتخَمةُ

بليلى ومجنونِ بَني عامر

هل تعرفُ سِرَ الشِعر

اسمعُ الفَ لسانٍ اخرس

واذني صَماء

حتى مِئذنةَ الجامع صَماء

ينادي مؤذنُها الابكم

(اللهُ حفنةُ بنزين ، اللهُ بقعةُ زيت

القدسُ خِداعٌ أمويٌ

وما بوركَ حولهُ “ارامكو” و “وول ستريت”

وما بوركَ حولهُ ارامكو”  و “وول ستريت”

حيا على الصلاة، حيا على الصلاة)

يحرقنُي النفطُ

تَحرقُني الرَمضاء

لا قصباً أُفرغ حُزني واسئلتي اليهِ وابثُ الاشجان

لا سيدَ عَمَلس

لا صَيداً يُسكتُ جوعي

ماذا آكل! هل آكل

مشتقاتِ النفط!

وهل اشربُ كاز

اسقِني يا ابتي ماءاً من قربتِكَ زُلالا

وقُدّ ليَ الزاد

ودعني انامُ  قريرَ العين في ظلِك

إني احسُ أنكَ جنبي، حقا جنبي

وما زالَ عصاكَ يترنحُ كالميزان

بين الزادِ وبين الماء على كَتِفيك

اعلن على موقع بصراوي

عن عوني شبيطة

الكاتب الفلسطيني: عوني عبد الفتاح شبيطة - مواليد السادس من حزيزان يونيو ١٩٥٦ - مكان الميلاد: الطيره المثلث فلسطين - العنوان الحالي: هامبورغ ألمانيا التخصص الجامعي: تربيه وعمل اجتماعي - التخصص الأدبي: شعر، ولي بعض التجارب المسرحيه

شاهد أيضاً

استغراب المواطنين من إغلاق السفارة الدنماركية في العراق

استغراب المواطنين من إغلاق السفارة الدنماركية في العراق مقال : محمد حسين العبوسي / مدافع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *