الفنان العراقي عبد الامير المالكي
الفنان العراقي عبد الامير المالكي

في ذكرى الفنان الكبير الراحل عبد الأمير المالكي

بقلم :  الفنان والناقد التشكيلي السوري.   عبد القادر الخليلمن اسبانيا.  

عبد الامير فنان الواقعية،  فنان الامل. فنان  النظرة الامامية, فنان البسمة العراقية.، فنان معالجة الهموم. فنان نظرة المستقبل بعيون نظيفة, وهو من كبار فنانين العالم في الجدرانيات.

الفنان الراحل عبد الامير المالكي

شيئين يجب الوقوف  لهم في ما يخص نسيج العمل الفني لدى الفنان عبد الامير. الواقعية و الجدرانية. ميزتان كبيرتان في الفن التشكيلي , امران ظهروا سوية منذ اول خطوة للفن العامي, لكن جاء تصنيفهم في عهد النهضة وما بعدها. اتجاهين من اصعب الاتجاهات الفنية التي نعرفها في الفن التشكيلي.

درست الفن العالمي في اوربا طويلا ونحو خمسون سنة , سمحت لي ان اطًلع على اسرار وحواس معظم فنانين العالم, وسمحت لي ان اقف امام منجزاتهم  مرارآ, في  المتاحف، في المنازل،وفي مراسمهم الخاصة، واخص هنا البعض منهم والذين مارسوا هاتين المُهمتين اللًتان يُمارسهما الفنان المالكي، . منهم  دافينشي, رفائيل , كارافاجيو الايطاليين.  وريمبراند, وروبنز من هولندا.   وفرانسيسكو جويا  الاسباني،  ,ولويس دافيد مع كوربيه  من فرنسا كما كان  ريفيرا من المكسيك ،  القارئ المتابع للفن يعرف ان هؤلاء من كبار الفن العالمي, لم اذكرهم للتعريف, معظم الناس يعرفهم ,,  مسيرة هؤلاء العلماء في الفن، كانت من مسيرة الفنان عبد الامير, الواقعية والجدرانيات.   لم يظهر  اكبر واعظم من هؤلاء وجميع هذه الباقة جسدوا الواقعية وانجزوا الجدرانيات, لهذا اقول ليس كل من مسك الريشة يمتلك القدرة على تصميم الواقعية واانجاز جدرانيات.  الفنان عبد الامير من هذه العائلة, لكن هو من مواليد الشرق، وافراد الشرق لاتسطع عليهم اضاءة الغرب, وليس الغرب هو الذي يكتم الاضاءة بل في كثير من الاحيان الحاجب يكون مشترك, الغيرة  الشرقية وعدم العناية الغربية, فاعلان يمحون كل مهارة .

 من خلف البحار اتابع الفن العربي ايضا, وافتخر بكل فنان عربي من اي بلد كان ،جميعهم اخوتي وزملائي، وشهرتهم هي فخر لكل الامة. وافتخر بزميلي الفنان الامير واقف بكل فخر لقراءة بعض اعماله.   

الفنان عبد الامير المالكي

لماذا عبد الامير المالكي؟

 لانه فنان اتقن الواقعية جيدآ وحافظ على الطرق الاكاديمية كما كان الفنانون الذي ذكرتهم في المقدمة., في التاريخ ظهر كثير من الفنانين الواقعيين, لكن لم يصمموا الجدرانيات, والاكاديميات خرًجت معظم شعراء الفن تقريبأ لكن كثيرا من هؤلاء هجروا معلومات وقواعد الاكاديميات وساروا في مسيرتهم الخاصة, منهم من وجد بئر في الصحراء ومعظمهم ساروا دون جدوى. الواقعية ليست قيود تمنع المتظاهرين بتقديم افكار جديدة, الواقعية هي مصدر الحرية منذ ان ظهرت في كهوف العصر الحجري, ثم في عهد الفراعنة, ثم في العهد الروماني وفي عهد النهضة, لو نظرنا لهم سوية لرأينا ان الواقعية كانت موازية لامور الشعب وهمومه، و تشرح عن تاريخ المجتمع كما شرحت احيانا عن اهداف روحية. .   كل العصور التي مرقت الى ان وصلت النهضة , كانت الجدرانيات هي قماش الفنانين , وفي عهد النهضة ظهر القماش والخشب و النحاس لكن ايضا لم يستغني الفنانين عن استخدام الجدرانيات لانها تعطي مساحة كبرى وواسعة كي تمرح وتسرح فيها الافكار المبدعة. المساحة هي مسرح الفنان وحولها يجد المتلقى جمالها ومحاسن الفن.

في  القرن الاخير ، دخل في الكاديميات اناس لم تُولد الهبة في قلوبهم وظنوا ان حصولهم على الشهادة توصلهم الى جميع اعلى منابر  الفن ، و هكذا يظهروا على شاشة الشهرة, الفنان الاصيل يعرف ان هذا مستحيل حتى ولو وجد البعض دعم الوساطة ، فإنهم لن يسيروا بعيدآ ومعظمهم يهرب الى اشياء اخرى.

لو سمح القارء لحظة, لوضعت الفارق بين ههؤلاء الاسماء الذين وضعتهم في المقدمة مع فارق منجزات الفنان الامير.   رفائيل كانت جدرانيته تحمل الطابع الفلسفي وناظرأ الى عهد اليونان,   لم ينظر الى هموم امته ولم يجسد محاسن المستقبل كما نراه في اعمال المالكي. بينما الفنان دافينشي فكان يُجسد المناظر الدينية في عهد المسيح. نظرة الى الخلف يأخذ مواضيعها من القصص والاحاديث. اما كارافاجيو هو اول من نادى في الواقعية الحديثة. , وفنانين هولندا تاثروا في كارافاجيو وطرحوا اشياء خالفت مواضيع النهضة. لكن كانوا يجسدون داخليات الطبقات البرجوازية, بينما المالكي جسد الشارع العراقي, جسد لهفة الشعب العراقي الى السلام، وجسد نظرة الاطفال المنتظرين ان تعم الفرحة وتغيب المأساة،. اما الفنان جويا الاسباني هو الذي اعطى ملامح ثابتة عن الواقعية الحديثة ولم يجرأ ان يقول عن هذا الاسم. لانه كان فنان البلاط الملكي , فتحدث عن طموحات القصور, وعن عيوب اجتماعية. حتى وصل الفنان كوربيه الذي مارس الواقعية في القلب والظاهر لكن كان يرسم زملائه من شعب المدينة وكان ينسى هموم شعبه في الريف.اعتنى كوربيه في اظهار الجمال من طبقة واحدة, بينما الفنان المالكي نظر بنفس الاهمية الى صانع الخبز, ثم الى بائع الشاي, والى اطفال الريف كما نظر الى المدينة والى محاسن المدينة.  اما الفنان المكسيكي  ريفيرا هو الذي جسد كبار الجدرانيات تأثرأ في علماء الفن الاوربي,لكنما كان ينظر الى ثورة الشمال 1917 ويجسد هموم الجنوب بنظرة من الشمال. . فمنجزات ريفيرا كانت تحمل طابع الثورة, وتختلف عن جدرانيات المالكي التي نظرت الى السلام, الى المحبة,، الى المساواة بين النسيج الاجتماعي العراقي

 لقد اخذ من دراسته في الشرق والغرب محاسن الانسانية, و محاسن الفن كي يكون وسيلة محبة وليس وسيلة ليهاجم بها احد, كي يكون الفن طبيبا للامراض, كي يكون صحفي يُسجل الشكاوى للناس ويشير لمستقبل زاهي. . 

للننظر الى الاطفال في لوحات الفنان المالكي وماذا يترقبون؟  وماذا تعزف الاغاني في لوحة الفنان الامير؟, وماذا تحكي افراده في رحيل اهل سنجار؟, وماذا يهدف في رسم برج بابل,؟  اليس يقول اننا شعوب بلغات مختلفة, لكن كلنا اخوة؟  وماذا نرى في المهن العراقية؟ شعب واحد وإن اخلتفت المهن, الخياط والراعي ورجل الدين والفنان النحات و عازف الموسيقى وبنات الطرب ونساء القرى، تحت نخيل الرافدين وامام ظل النواعير في الفرات, والجندي والمزارع  والرياضي، اناس من المدينة وأخرون من الحقول, اناس من طبقات الجنوب وأخرون من الشمال,جميعهم ينتظرون مستقبل افضل ويحافظون على عاداتهم وعن تقاليد ورثوها من اجدادهم. هكذا يحافظ الفنان على المستقبل, وهي المحبة والاحترام دون الاكراه في اي مجال كان.

الفنان المالكي لم ينظر الى الخلف ليعطي منجزات تعتمد على الذاكرة ومأخوذة من التاريخ، الفنان المالكي  نظر الى جانبه وجسد افراد قومه, افراد مجتمع عريق ولم يخشى غبار الهاربين من الواقعية ولم ترهقه لمعة الكتاب عن الحداثة، ولم ينظر الى الواقعية كمادة صعبة, بل جسد احاسيس بطابع الامل. وهل هناك اجمل بسمة من بسمة العاشق؟  فالفنان عبد الامير المالكي فنان يعشق الامل, يعشق شعبه مرحآ،  يعشق بغداد دون حياز ويأمل ان يرى العالم بان العراق لها مركز هام في المستقبل.  لم يتقيد بسطحيات المجاملة في المأساة, بل جسد بأصفى الالوان امل شعبه, وهذه ميزة جعلت من اسلوبه اسلومب خاص ومدرسة ذاتية. وقف من موقف عالي ومن راس برج بابل واعطى البسمة في ريشته, واعطى المحبة في تكوينات الافراد التي جسدها.                             

.

 يمرح البصر في رؤية  لوحات ومنجزات الفنان المالكي, اقف بمحبة لاجل الجمال, لأجل الابداع لاجل ان يأخذ منه درس الفنانين من كل مكان.. لوحاته تجعل ان يراها حتى فاقدين البصر. الفنان المالكي فنان اكاديمي ومحافظ.  . صمم قطع تاريخية في احجام هامة  , واعطى اناقة اضافية في تكوين الالوان الناضجة و في زخرفات تجريدية في خلفيات منجزاته, كما انه صمم ديكورات في الجوامع والكنائس في بعض الدول العربية. فنان كبير بكل معنى الكلمة, فنان محترف للفن ومعارضه اضاءت كل صالات وصلت اليها.

لوحات المالكي لها هدف واعي ومفهوم, انساني, اجتماعي وقومي. تحمل رسالة الفنان. . لوحات المالكي تتمتع بالوان نقية, الوان مأخوذة نتيجة عن دراسة  عميقة ووعي في الابداع, وهي في مضمون الاناقة الوان تعبيرية.

اعلن على موقع بصراوي

عن عبد القادر الخليل

شاهد أيضاً

استغراب المواطنين من إغلاق السفارة الدنماركية في العراق

استغراب المواطنين من إغلاق السفارة الدنماركية في العراق مقال : محمد حسين العبوسي / مدافع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *