صندوق انتخابات
صندوق انتخابات

نحن بحاجة الى …

نحن بحاجة الى …

مع قرب كل موسم انتخابات تبدأ الخطابات الطائفية و القومية بالظهور و تبدأ هذه اللعبةالسيئة بتصدر المشهد .

يحضّر الحماة و المدافعون عن الطائفة و القومية انفسهم لكل ما من شأنه ان يثير الانقسام ويعمقه في المجتمع فيظهرون بخطابات تصعيديةويرفعون سيوفهم و يدقون طبولهم فحتى ابسط الاحداث يمكنها ان تشكل فرقاً فيتم تحشيتها و رسم سيناريوهات لها و جعلها مادة للانقسام.

الحقيقة ان مشكلة الطائفية والقومية قديمة لدينا ولك ان تراجع تاريخ بغداد في القرن الخامس الهجري مثلاً لتقرأ الفضائع بين الطائفتين اذتتمنى انك لم ترها و لم تقرأها ، ولك ان تراجع تاريخ الاستباحة للايزيديين لتجد ما يقرب من ٣٥ حملة ابادة كما يقول بعض الكتّاب.

فالمشكلة اذن قديمة و لكن الجديد في الامر ان السياسيين يوظفونها اليوم بشكل جيد لمصالحهم فيجعلون الشارع حلبة لصراع الديكة فيمايكونون هم المقامرون الذين يكسبون دوماً في حين تخرج الديكة مدماة و منهكة و ربما تفقد عيناً او يكسر لها جناح كما فقدنا اعيناً وكُسرتلنا اجنحة .

و حل المشكلة يكمن في ان نفكر قليلاً في الطائفة او القومية التي ننتمي لها هل كان ذلك الانتماء خياراً لنا ام اننا ولدنا هكذا ؟ 

و اذا كنا ولدنا مسيحيين او ايزيديين او شيعة او سنة او كاكائيين دون ان نختار و دون ان تكون لنا شجاعة ان نراجع هذا الانتماء (فمواجهةالحقيقة امر صعب) اقول اذا ولدنا كذلك دون خيار فهل ذلك مبرر كافٍ للاستعداء و التقاتل و التباري.

نحن بحاجة الى مواجهة المشكلة التي ندفع ثمنها باهضاً و يكاد يكون يومياً نحن بحاجة الى مواجهتها و ليس تغييبها بكلمات الود الكاذبة وشعارات الاخوة المستهلكة و حين نواجه هذه المشكلة سنكون قطعنا نصف الطريق.

التاريخ يقول ليس امامنا من سبيل سوى الايمان بالمواطنة كمنهج للتخلص من اعباء المسميات و الانتماءات وحين يؤمن الجميع بالمواطنةوحين تكون المواطنة احد اهم قيمنا الاجتماعية و حين تنُفذ المواطنة الى تشريعاتنا و قوانيننا سيأمن الجميع و سينعم الجميع.

فكل طائفة الان تتوجس من الطائفة الاخرى و كل قومية تتوجس من القومية الاخرى و كل ديانة تتوجس من الديانات الاخرى وهكذا ستبقىتلك التوجسات مادة سياسيو الطوائف لتصدر المشهد و العودة الى الحكم .

تلك حقيقة ان بعضنا يتوجس من البعض الاخر و الحل هو في سيادة القانون الذي لا ينظر الى هويتك بل ينظر اليك كمواطن ويعاملك علىهذا الاساس وهذا الامر ليس سهل التحقق ولكنه الطريق الوحيد الذي سيخلصنا من اعباء الماضي و يحقق تعايشاً حقيقياً.

المشاكل التي نعيشها لا تتحملها الطبقة السياسية لوحدها بل المسؤولية تضامنية كما يقولون فالشعب يتحمل جزء من المسؤولية ، و اذا آمنالناس بقيمة المواطنة وحق الاخر في الحقوق التي ارى انها استحقاق طبيعي لي حينئذ سيحدث التغيير.

فالتغيير المطلوب في أساسه و حقيقته قيمّي و بحاجة الى انقلاب قيمّي في المجتمع ، يعني اننا بحاجة الى اعادة التفكير في حل مشاكلناعبر تغيير نمط التفكير ،

اذ كنا نتمترس خلف قادتنا السياسيين ونظن انهم حماتّنا من الاخر و اتضح ان ذلك غير مجدٍ ابداً و انه ازهق الكثير من الارواح و خربالبلد لذلك علينا ان نكّف عن ذلك و ان نفكر بحلول اخرى نابعة من قيم اخرى غير تلك التي اعتدناها و دافعنا عنها طيلة ما مضى.

ما يجمعنا هو الانسانية وهي رباط وثيق يشعر كل انسان صالح به و ما يمزقنا هو التشبث بمقولات الانقسام التي تحتويها أدبيات هوياتناالاخرى لذلك علينا ان نفكر بعقلانية و نخيط جراحنا النازفة و ننطلق من جديد مملؤين ثقة  بالاخر و حباً انسانياً له فالكراهية لا تولد سوىكراهية و الاستعداء لا يولد الا استعداءاً و ذلك سيبقينا في ذات المستنقع و ذات المشكلة.

اياد نجم

اعلن على موقع بصراوي

عن اياد نجم الجيزاني

الكاتب

اياد نجم الجيزاني

مهندس  من بغداد

شاهد أيضاً

الدكتور عباس خلف التميمي: قائدٌ رائد في تطوير الرعاية الصحية بالبصرة

الدكتور عباس خلف التميمي: رائد التحسين الصحي وقائد الرعاية الصحية في البصرة المدير العام لصحة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *