اقطاعيو العراق ما بعد ٢٠٠٣ لدى الاقطاعيات السياسية في العراق ثلاثة عوامل تعمل على ديمومتها : الاول هو الهيمنة على الاعلام اذ انهم يمتلكون ترسانة من الفضائيات والمواقع و الصفحات الممولة المؤثرة و غيرها. ثاني تلك العوامل هو النفوذ في كل مفاصل الدولة بما في ذلك مفوضية الانتخابات والاجهزة الامنية وباقي الوزارات و المؤسسات غيرالمرتبطة بوزارة حيث عملت المحاصصة على توزيع مواقع وكلاء الوزراء و المدراء العامون وصولاً الى موقع مدير قسم. كما ان هيئات يفترض ان تكون مستقلة لم تسلم من المحاصصة والتقاسم كهيئة النزاهة و البنك المركزي و غيرها وهو ما يفسر قدرة تلكالاقطاعيات على جني المال عبر السرقة والفساد و التلاعب مع ضمان عدم الملاحقة القانونية. اما العامل الثالث فهو المال فالقدرات المالية و السيطرة على منافذ الاقتصاد في البلد و مقدراته صنع من تلك الاقطاعيات امبراطوريات ماليةوجعلها تمتلك استثمارات داخلية و خارجية تتوفر لها عوامل النجاح ، لقد كشف تقرير نيوريورك تايمز للصحافي روبرت وورث وجود حواليعشرة مليارات دولار مستثمرة في القطاع العقاري في لندن . ان هذه العوامل مجتمعة اي (الاعلام و النفوذ و المال) التي تقوم عليها تلك الاقطاعيات هي ما جعل اعادة ترسيمها في اي حكومة قادمة امراًشبه حتمي ، لقد اتفقت تلك الاقطاعيات بطريقة ضمنية على تقاسم البلد و مقدراته و وزاراته و صنع دول داخل الدولة . تنقسم الاقطاعيات في العراق بحسب الجغرافية الى : ١- اقطاعيات اقليم كردستان التي يتقاسمها حزبا الاتحاد الوطني الكردستاني جماعة الطالباني و الديمقراطي الكردستاني جماعةالبارزاني و لا يسمحان بنشوء احزاب يمكنها ان تمثل الشريحة التي لا تؤمن بهذين الحزبين و لا بمشروعهما السياسي و يسيطر هذينالحزبين على وسائل الاعلام في الاقليم و على قوات البيشمركة و بقية الاجهزة الامنية و على بقية المؤسسات الحكومية ، كما يمتلكانامبراطوريات مالية و رجال اعمال و واجهات تجارية تمضي لهم الصفقات و تمثلهم في العقود. ٢- الاقطاعيات في المناطق السنية و التي تتمثل في ال النجيفي في الموصل و بعض المناطق و برزت بعد مرحلة داعش اقطاعية بعضالواجهات السياسية التي توحدت في محافظة صلاح الدين و حاولت تصدر المشهد السني بعد انخفاض شعبية ال النجيفي فيما برز دورمحمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب الحالي و اخرين كالاخوين محمد و …… الكربولي في الانبار وتوابعها في حين تخفى سياسيو الحزبالاسلامي و دخلوا بمسميات مختلفة مع ان لهم نفوذا و اعلام و مؤسسات كثيرة ، و بذلك ظهرت اقطاعيات صغيرة تسيطر على وزارات ومناصب اخرى وتملك وسائل اعلام موجهة الى الشارع السني . و يبقى واضحاً ان الشارع السني لم يحسم خياره بشأن الجهة التي ستتولى سدانة تلك الاقطاعية نتيجة للظروف الامنية التي سادت فيمناطقهم و لأسباب اخرى كثيرة. ٣- الاقطاعيات في مناطق الشيعة و التي يسيطر عليها مجموعة من الاحزاب التقليدية التي سيطرت على الساحة الشيعية و امتلكت وسائلاعلام تهيمن على الخطاب الموجه الى تلك المناطق كما تملك نفوذا عميقاً في مؤسسات الدولة و حكوماتها المحلية كما تمتلك تلك الاحزابقدرات مالية ضخمة عبر الفساد و السيطرة على العقود و منافذ الاقتصاد التي المملوكة للدولة. حيث يتقاسم سائرون التابع للتيار الصدري و منظمة بدر و تيار الحكمة التابع للسيد عمار الحكيم محافظات الجنوب و يمتلكون نفوذا واتباعاً كبيرا فيها . ومع هذه الاقطاعيات الثلاث ظهرت مافيات طفيلية قويت و تمكنت كثيراً و اصبحت مؤثرة في المشهد العراقي المتأزم هذه الشبكة تتكون منرجال اعمال ومتمولين يمتلكون علاقات مع تلك الاحزاب و نفوذاً وعلاقات في معظم دوائر الدولة و يمتلك بعضهم وسائل اعلام حيث يحصلاعضاء هذه المافيات على العقود الحكومية و المناقصات و غيرها ويديرون مصالحهم بحذاقة عالية بعيداً عن الظهور في وسائل الاعلام ويقومون بابتزاز الجهات التي تقترب من مصالحهم كما يقدم هؤلاء المساعدة في تمكين تلك الاقطاعيات من البقاء في السلطة و الاستفادة منحالة الفوضى و اللاقانون حيث تنتعش اعمالهم و يزدادون ثراءاً. لقد هزهزت انتفاضة تشرين التي انطلقت في بغداد و الجنوب هذا الاتفاق الضمني الذي تقاسموا بموجبه مصائرنا و يدرك القائمون علىتلك الاقطاعيات ان أي خلل في احدها سينعكس سلباً على الاقطاعيات الاخرى و يحرك مائها الراكد. ان ما اريد قوله هو اننا في العراق ليس لدينا احزاب بالمعنى الحرفي للكلمة بل ما لدينا هو اقطاعيات تلتحف السياسة وتتخذ منها معبراً الىتحقيق مصالحها و هي تقوم بترسيخ سلطتها و تقوية نفوذها و تدعيم مؤسساتها . ان محاولات تفكيك هذه المنظومات الاقطاعية امر صعب و الاعمال الثورية العنيفة غير نافعة مع مثل هكذا سلطة اذ انها ستعيد انتاج نفسهابصورة شرعية عبر الانتخابات لأنها ضمنت عدم قدرة الاخرين على منافستها و يبقى الخيار الامثل و لكنه خيار صعب ويستنزف وقتاً هوالاستمرار بالضغط و الحضور الشعبي في الاحتجاجات . يراهن اقطاعيو العراق على عدم وجود بديل يمكنه ادارة البلد و عدم انبثاق قوى سياسية طيلة الفترة الماضية و قدرتهم على احتواء اي تغييرفي مفاعيل اللعبة السياسية هي بظني ما يجعلهم واثقين من عدم وجود تغيير ، لكنهم لا يدركون ان سلطتهم تتآكل ليس لأنها تفقد شرعيتهافحسب بل ان حالة السخط و الغضب تنذر بعواقب غير حميدة. ربما يدرك البعض ان هؤلاء يمكن ان يديروا حرباً اهلية مسيطر عليها فيما لو تعرضت سلطتهم الى التزعزع و يمكنهم بسهولة الصاق تهمةالبعث او الارهاب بمن يقف بوجوههم و هي تهم جرى استخدامها بشكل مفرط خلال السنوات الماضية ضد كل من وقف بوجه سلطتهم.
أكمل القراءة »نحن بحاجة الى …
نحن بحاجة الى … مع قرب كل موسم انتخابات تبدأ الخطابات الطائفية و القومية بالظهور و تبدأ هذه اللعبةالسيئة بتصدر المشهد . يحضّر الحماة و المدافعون عن الطائفة و القومية انفسهم لكل ما من شأنه ان يثير الانقسام ويعمقه في المجتمع فيظهرون بخطابات تصعيديةويرفعون سيوفهم و يدقون طبولهم فحتى ابسط الاحداث يمكنها ان تشكل فرقاً فيتم تحشيتها و رسم سيناريوهات لها و جعلها مادة للانقسام. الحقيقة ان مشكلة الطائفية والقومية قديمة لدينا ولك ان تراجع تاريخ بغداد في القرن الخامس الهجري مثلاً لتقرأ الفضائع بين الطائفتين اذتتمنى انك لم ترها و لم تقرأها ، ولك ان تراجع تاريخ الاستباحة للايزيديين لتجد ما يقرب من ٣٥ حملة ابادة كما يقول بعض الكتّاب. فالمشكلة اذن قديمة و لكن الجديد في الامر ان السياسيين يوظفونها اليوم بشكل جيد لمصالحهم فيجعلون الشارع حلبة لصراع الديكة فيمايكونون هم المقامرون الذين يكسبون دوماً في حين تخرج الديكة مدماة و منهكة و ربما تفقد عيناً او يكسر لها جناح كما فقدنا اعيناً وكُسرتلنا اجنحة . و حل المشكلة يكمن في ان نفكر قليلاً في الطائفة او القومية التي ننتمي لها هل كان ذلك الانتماء خياراً لنا ام اننا ولدنا هكذا ؟ و اذا كنا ولدنا مسيحيين او ايزيديين او شيعة او سنة او كاكائيين دون ان نختار و دون ان تكون لنا شجاعة ان نراجع هذا الانتماء (فمواجهةالحقيقة امر صعب) اقول اذا ولدنا كذلك دون خيار فهل ذلك مبرر كافٍ للاستعداء و التقاتل و التباري. نحن بحاجة الى مواجهة المشكلة التي ندفع ثمنها باهضاً و يكاد يكون يومياً نحن بحاجة الى مواجهتها و ليس تغييبها بكلمات الود الكاذبة وشعارات الاخوة المستهلكة و حين نواجه هذه المشكلة سنكون قطعنا نصف الطريق. التاريخ يقول ليس امامنا من سبيل سوى الايمان بالمواطنة كمنهج للتخلص من اعباء المسميات و الانتماءات وحين يؤمن الجميع بالمواطنةوحين تكون المواطنة احد اهم قيمنا الاجتماعية و حين تنُفذ المواطنة الى تشريعاتنا و قوانيننا سيأمن الجميع و سينعم الجميع. فكل طائفة الان تتوجس من الطائفة الاخرى و كل قومية تتوجس من القومية الاخرى و كل ديانة تتوجس من الديانات الاخرى وهكذا ستبقىتلك التوجسات مادة سياسيو الطوائف لتصدر المشهد و العودة الى الحكم . تلك حقيقة ان بعضنا يتوجس من البعض الاخر و الحل هو في سيادة القانون الذي لا ينظر الى هويتك بل ينظر اليك كمواطن ويعاملك علىهذا الاساس وهذا الامر ليس سهل التحقق ولكنه الطريق الوحيد الذي سيخلصنا من اعباء الماضي و يحقق تعايشاً حقيقياً. المشاكل التي نعيشها لا تتحملها الطبقة السياسية لوحدها بل المسؤولية تضامنية كما يقولون فالشعب يتحمل جزء من المسؤولية ، و اذا آمنالناس بقيمة المواطنة وحق الاخر في الحقوق التي ارى انها استحقاق طبيعي لي حينئذ سيحدث التغيير. فالتغيير المطلوب في أساسه و حقيقته قيمّي و بحاجة الى انقلاب قيمّي في المجتمع ، يعني اننا بحاجة الى اعادة التفكير في حل مشاكلناعبر تغيير نمط التفكير ، اذ كنا نتمترس خلف قادتنا السياسيين ونظن انهم حماتّنا من الاخر و اتضح ان ذلك غير مجدٍ ابداً و انه ازهق الكثير من الارواح و خربالبلد لذلك علينا ان نكّف عن ذلك و ان نفكر بحلول اخرى نابعة من قيم اخرى غير تلك التي اعتدناها و دافعنا عنها طيلة ما مضى. ما يجمعنا هو الانسانية وهي رباط وثيق يشعر كل انسان صالح به و ما يمزقنا هو التشبث بمقولات الانقسام التي تحتويها أدبيات هوياتناالاخرى لذلك علينا ان نفكر بعقلانية و نخيط جراحنا النازفة و ننطلق من جديد مملؤين ثقة بالاخر و حباً انسانياً له فالكراهية لا تولد سوىكراهية و الاستعداء لا يولد الا استعداءاً و ذلك سيبقينا في ذات المستنقع و ذات المشكلة. اياد نجم
أكمل القراءة »