انطباعات ومشاهد من بلاد الهند (2)
انطباعات ومشاهد من بلاد الهند (2)

انطباعات ومشاهد من بلاد الهند (2)

انطباعات ومشاهد من بلاد الهند (2)

 

*تاج محل

تحتَ القِبابِ الناصِعةِ البَريئَةِ

المُسورةِ بماءِ الكَوثر الرَقراق

تَنامينَ يا “مُمتاز” في تَختِك المَرمَرِي الوديع

مُلفَعةً باللوتُسِ والدَعوات والنَشيد

راضِيةً مَرضِيَة

 

يدُ اللهِ وعباقرةُ الجِن

وأهل العِمارةِ والفَن

صاغوا صَرحَك السَمِح البَهيجَ

على سِرِ إيقاعِ قلَبِ مَليكٍ عاشِق

فصارَ لكلِ صَّبٍ مُصطلٍ من مَغيبِ حَبيبِ

قصدا

تذوبُ الذُنوبُ على عَتباتِهِ المَجبولَةِ بالصَلوات والزَفَرات والدُموع

فلا يَدخُلَهُ آثمٌ أبدا

 

ممتاز*

مَعذرةً  سيدتي

معذرةً يا “مُمتاز”

إني فِي حَضرةِ مَلكٍ مُحِب

وقَليلٌ من المُلوكِ مَن حقاً أحَب

أسألُ، واعلَمُ انَ السُؤالَ نَشاز

لكنًي عاشِقُ ومن حق العاشق أن يعرِف

التاجُ المَيمونُ، حماهُ الله، كَم كَلَف

كم كَلف!

أحلِف بالآسِ وبالزَنبَق

أحلِف بالعِشق

ما جِئتُ أليكِ اقُضُ نومَ ضُحاكِ

إنما اخشى ان تأفلَ مَحبوبةُ قَلبي الواهِن قَبلي

فاخجلُ.. اهٍ يا خجلي

اني لا املكُ في الأرضِ فِتراً لتَنامَ حبيبة قلبي فيهِ

ولا عندي نارٌ لتُشَعشِع في الجَسدِ المُتعَجَلِ  تِبراً

أُذريهِ في النَهر المُقَدس

أُذريهِ في النَهر المُقَدس

 

*حلال

ليسَ بَعيداً “عن بَوابة الهِند” في بومبِي القَديمَه

لافتاتٌ تُرحِبُ بكَ بِلغةِ أمكَ

الأكلُ حَلال

هيتَ لَك

هيتَ لَك

سِّر على الارضِ خَبَب

انتَ في بيتِكَ

على الضَفةِ الاخرى من بَحر العَرب

 

*عرس

عِرسٌ في مَخازنِ العَطارين

الجُيوبُ مَدرارَةٌ هذا المساء

فالزَبائِن عربٌ عَرب

رجالٌ وَرِعونَ

قُصر الدَشاديشِ

نُتفُ الشَواربِ مُلتَحون

ونساءٌ شردَت من شُطَيبٍ في ظَلامِ السَجفِ اعيُنُها

وما فتئت تَحوم

تَلتهِمُ البَضائعَ

والشَوارعَ

والرِجال

 

*تُكتُك

سائِقُ التُكتُك الهزيلِ

اشارَ الى زُمرَة ٍ

تَجري على شاطئ البَحر

قد يَكونوا من أهل الرِياضَةِ

او مِمن أثقلَ عَليهم  إيفاضٌ في الوَزنِ رشاقةَ البَدن المُنعَم

قال: سيدي إنهم يركُضون

ألا يَتعَبون!

قلتُ: اذا تَعِبوا سَيرتادونَ اولَ مَقصَفٍ او مَطعمٍ

ويشرَبونَ العَصائِر

او الشاي او الشَمبانيا

واذا جاعوا يأكلون

“سَيدي! الاكلُ في المطعمِ على الشاطِئ غالي”

قالَ  مُحتجَاً  ومُحتَدا

قلتُ: لا عَليك إنَهم لا شكَ مُقتدرون

وتَلمظتُ

وتَلمظَ الحوذيُ مِثلي

وهزَ رأسَهُ مُطمَئِناً، ثم تَمتمَ

اكرَمَهُم الله

لا بدَ أنَهُم أُناسٌ صالِحون

 

*نيدو  نيدو

إمرأةٌ نَبيهَةٌ تَهزُ رَضيعاً عارياَ بين ذراعَيها

قد يكونُ وليدَها او لا يكون

تُلاحِقُني، تَطوفُ حَولي، تَشدُ قَميصي وُتُنادي

نيدو نيدو

وتُصرِخُ الطفلَ المُدَربَ

كَي انتبِه أن الثديَ جفَ والسَخيطَ لم يذُق اكلاً

منذُ دهرٍ، وتُردِد وتُعيدُ

نيدو نيدو

وَتشيرُ الى عُلبٍ مُكدسَةٍ امامَ دُكان

اشتَريتُ للطفلِ المُجَوَعِ عُلُبةَ اللبنِ الثَمين

لم اخطُو بعد خُطوَتين

كانَت تعيدُ الى الدُكان عُلبةَ النيدو

وتستعيدُ حِصتَها الضَئيلةَ من نُقودي

فقلتُ يا فتى ضَحكَت عَليك

لعنةُ الله على الفقرِ وعلى النيدو

نيدو نيدو

 

*زعفران

غداً سَاغادرُ الهندَ

ولا بُدَ من بَعضِ الهدايا للاحِبةِ في الوَطن

والكُلُ اوصَى والكل يعلمُ

اشهى التَوابِل في بِلاد الهند

فسألتُ صاحِبَ مَخزن

هل لديِه زَعفران وما الثَمن

قال: اطيبُ الانواع في دُرجي

ولا خلافَ يا صَديقي على الثَمن

قُلتُ: غالي !!!

قالَ: مِن اينَ انت

قلت: فلسطينيٌ أنا

ــ من القَدس إذن !

وعانقني كأني نبيٌ أحملُ البَركات في عِبي

وسأل: هل صليتَ في الاقصى

قلتُ: في صِغَري

ـ كيفَ القُدس

قلت: حزينةً وما برحت اجملَ المدن

ـ والأهَل

كيفَ حالُ الاهل !

قلت: يَحمدونَ اللهَ دائماً

ومَهما حَل

فانهَمرَت دموعُهُ وعانَقني مرةً اخرى

وحَوقَل ثم بَسمل ثم حَمدل

ولما أطمأنَ أنَ اللهَ لا بدَ ناصِرُنا

كَفكف من نواظرهِ الدُموعَ

ودسَ في كَفي عُلباً مُذهَبةً  صَغيرَه

قلت: هذا ليسَ سِعرُ الزَعفران

فلتأخُذ حَقك !

قال: لا عَليكَ يا ابنَ القُدس

لا عَليك

ذاكَ السِعرُ نُسقيهِ للمُتخمينَ في الخَليج

وضحك وضحكتُ

وضحكنا  كمُتأمِرَين معاً

وقَلتُ لن اودعَكَ فاني عائدٌ

في الهندِ اشياءٌ تَستلبُ لقُلوبَ كثيرةٌ

لم ارَ منها إلا القليلَ القليلَ بعد

https://basrawe.com/%d9%8a%d8%a7-%d8%a3%d9%85%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%b4%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a3%d9%85%d8%a7%d9%86-%d8%a3%d9%87%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b1%d8%b6-%d9%85%d8%aa%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%84/

اعلن على موقع بصراوي

عن عوني شبيطة

الكاتب الفلسطيني: عوني عبد الفتاح شبيطة - مواليد السادس من حزيزان يونيو ١٩٥٦ - مكان الميلاد: الطيره المثلث فلسطين - العنوان الحالي: هامبورغ ألمانيا التخصص الجامعي: تربيه وعمل اجتماعي - التخصص الأدبي: شعر، ولي بعض التجارب المسرحيه

شاهد أيضاً

استغراب المواطنين من إغلاق السفارة الدنماركية في العراق

استغراب المواطنين من إغلاق السفارة الدنماركية في العراق مقال : محمد حسين العبوسي / مدافع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *