بصراوي بصراوي هو موقع عراقي اخباري ثقافي متنوع ، يقدم مجموعة واسعة من المحتوى في مختلف المجالات. يهدف الموقع إلى توفير المعلومات والمعرفة بطريقة سهلة ومفهومة للقراء العرب. يحتوي الموقع على مقالات متنوعة تغطي مواضيع مثل الطهي والصحة والجمال والسفر والتكنولوجيا والدين وغيرها. يتميز بتصميم بسيط ومرتب وتصنيفات مختلفة لتسهيل التنقل والبحث عن المحتوى. يتم تحديث المقالات بانتظام لتوفير المعلومات الدقيقة والمحدثة. بصراوي هو وجهتك الأولى للحصول على معلومات موثوقة ومتنوعة باللغة العربية. كما يمكنك اضافة كتاباتك في موقع بصراوي
مقالات مشابهة
لوحة الفنان التشكيلي صلاح الخالدي
عبد القادر الخليل. ناقد وفنان وباحث تشكيلي
برأيي الخاص اجد ان الفنان صلاح الخالدي من مقدمة الحركة الطليعية في سوريا, اسم استخدمه الفنانون والأدباء والمهندسين المعماريين كرمز للإشارة الى موقف ثقافي مُخالف لتقاليد اجتماعية كنوع من رمز الحربة التي كانت تخترق وتمزق الإيديولوجية المتحجرة. لهذا يقدم لنا اشكال فنية تُحرك الضمائر. هو اسلوب جاء في القرن الماضي بسبب الاطرابات الكبيرة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي ولسبب التوترات بين البلدان ادت الى مأسات كثيرة. اشياء نراها ايضآ في الشرق الاوسط منذ مطلع القرن الجديد. وأثر هذا الاسلوب على الانطباعية وما بعد الانطبالعية ثم التعبيرية. وعلى الرغم من أن فكرة الحركة الطليعية توحي بإهتمام الفن في فتح آفاق جديدة ، إلا ان هذا في جميع الحالات تقريبآ لا يعكس اهتمامآ مستقلآ بالحداثة، لكنه يعتمد على الرغبة في إعطاء انطباع أوضح عن الواقع..
بالنسبة للفنان الطليعي غوستاف كوربيه ، كان ذلك يعني تصوير حياة العمل الشاق التي تم إقصاؤها من اللوحة الأكاديمية . بالنسبة للإنطباعيين ، كان ذلك يعني التقاط تأثيرات الضوء على شبكة البصر. اما على المعماريين كان ذلك يعني تمثيل القوى العلمية غير المرئية التي تعمل تحت سطح الواقع المرئي. لكن في جميع الأحوال، الهدف الاساسي هو الرغبة في تمثيل الواقع بطريقة جديدة ودقيقة.وهذا مايشير اليه الفنان الخالدي
لقد قال العديد من الفنانين إن المهم في لوحاتهم هو الذي لا نراه. يُمكننا هنا ان نضيف انه ما نعتقد اننا نراه لا يقل اهمية عن ذلك الذي لا نراه. لكن احيانآ لا يُمكننا تفسيره. لإنتاج تلك العاطفية الجمالية المكثفة للوحة عظيمة كما هي هذه اللوحة للفنان الخالدي، من الضروري ملاحظة البنية الداخلية لكل لوحة ، والطريقة التي يُرتب بها الفنان المساحة. في اللوحات العظيمة من مثل هذه اللوحة لزميلنا لا شيء يُترك للصدفة، اللوحات ليست مجرد نافذة، تتحدث عن وجهات النظر الموجودة في كل لوحة عن نية الفنان. يتم وضع الخطوط والمنحنيات ، او الفراغات، بطريقة معنية لإنتاج قصة غامضة. يمكن للجمهور ان يشعر في روحه بتلك القصة التي يحاول الفنان ان يرويها لهم، لكنهم لا يعرفون جيدآ سبب تلك العاطفية الجمالية التي يعيشونها.
اسس الفنان صلاح الخالدي في لوحته هذه قطبين وهم اسلوبه الخاص وهو هيمنة الدقة في الرسم، ثم اللون ثانيآ بشكل عام، احب الفنان صلاح ان تكون في لوحاته المباني التاريخية مع إحترم جميع الاساليب الحديثة. لكنه يرى في المباني العظيمة من مثل قلعة حلب ان عظمة البلد وعظمة الوطن ترتبط بخدمة الهندسة المعمارية وهذه تُعطي مفهوم العظمة وتخدم المتلقي للمقارنة. وما هي خدمة الهندسة للإنسان ، في هذه اللوحة العظيمة يُشاهد شغفه الكبير في ابنية عظيمة، قادته الى تصميم هذا العمل الجبار اخذآ مناظر متعددة من ابنية حلب وملموسة في واقع المدينة,ثم جسد اشكال ومناظر خيالية من ماضيها العريق, وهذا الجمع التكويني اتمنى ان يستوعبه المتلقي.
وفقا للمحتوى المجازي والموضوعي، من المعتاد التمييز بين اللوحات والاعمال الاثرية والزخرفية التي لها سمات تذكارية. كلا الاتجاهين مستمدان من خصوصيات هذا النوع من الرسم. الاتصال الإصتناعي والمباشر بالأشياء المعمارية
غالبآ ما تكون الاعمال الفنية الضخمة بمثابة هيمنة دلالية مهمة للمجموعة.عادة ما تُجسد التركيبات التصويرية الموضوعة على الواجهات والديكورات الداخلية الافكار الفلسفية والاجتماعية الاكثر عمومية في ذلك الوقت. وهذا يملي جلالة الأشكال ، تتميز الاعمال التي لها خصائص اثرية بمحتوى مهم اجتماعيآ.
اعتبر ان الفنان صلاح الخالدي هو سيد الضوء والاضاءة في اللوحة التشكيلية في حلب. تظهر في اعماله قدرته الاستثنائية على الملاحظة، حيث يتم الجمع بين التوازن البصري والمعماري في خطوط غير واضحة، لايوجد منظران طبيعيان او شخصيتان متشابهتان في ابداعاته على القماش حيث اجرى الفنان تعديلات عديدة. كان تفسيره للضوء هو اكثر ما يجذب المتلقين، في لوحاته ينغكس الضوء في كل زاوية وركن من المباني التي جسدها. اتقن الاضواء والظلال من الاكثر كثافة الى الاكثر عابرة التي تظهر في ساحات ومباني حلب. والتي تظهر في لوحاته.
تظهر هذه اللوحة الكبيرة اليوم وهي تحفة فنية وهي جزء من قدرة صلاح الخالدي على التقاط عظمة التاريخ وممر الخيول وعلى ظهرهها شجعان الوطن في نهاية الالف الاول في الدفاع عن حلب. وهم امام المباني التاريخية. تثير المناظر العمرانية التي جسدها الفنان صلاح احساسآ بالهدوء والجمال الاثري . استخدامه الماهر للضوء والظل كما يظهر في اطراف اللوحة وينقل المشاهدين الى حلب أم التاريخ وأم الحضارات كما يُظهرالمدينة في الوقت الحقيقي. الفنان صلاح الخالدي فنان ورسام ماهر في مدينة حلب معروف بدقة منجزاته والمفصل الكبير لمدينة حلب وأبنيتها العظمى وهو من قدوة الفنانين الذين جسدو هذه المدينة وقلعتها الصامدة في العصر الماضي والحاضر.
لوحة الفنان الخالدي نراها مليئة بالتفاصيل المعمارية, من مباني المدينة البارزة في المقدمة. يضيف اليها الشخصيات البشرية والحيوانية وهو اهتمام بصري الى اللوحة والى التاريخ والى رسالة الفنان. حيث ترتدي الشحصيات البسة قديمة ومتوازنة مع العصور الماضية بينما نشاهد انه حافظ على ابنية هامة جاءت فيما بعد قرن العاشر. وفي هذا المشهد اجد اسس هامة سار عليها الفنان
1- اتقان المنظر. يشتهر الفنان صلاح الخالدي في خلق منظور جديد ودقيق في لوحاته. استخدم خطوط افقية وعامودية ونقاط التلاشي لإعطاء انطباع بالعمق والمسافة
2- رسم التفاصيل الصغيرة . وهو جاذب موضوعي في منجزاته. مثل الشخصيات البشرية والخيول التي تضيف على التفاصيل الحياة
3- استخدم الالوان الجريئة والمشرقة لتمثيل المباني في حلب كما استخدم ايضآ الالوان التكميلية لإنشاء تباينات بصرية مثيرة للإهتمام
4- استخدم الضوء. لخلق تأثيرات درامية في اعماله. كما هناك تاثيرات ضوء الشمس لإعطاء العمق والملمس على لوحاته
هذه الخصوصيات التي ابتكرها الفنان صلاح الخالدي هي الغرض الحقيقي للفن وهو جعل غير المرئي مرئيآ. والجمال ليس في الاشياء نفسها بل في الطريقة التي نراه بها. اللوحة الجميلة هي رحلة الى عالم تكون فيه الاشياء اجمل مما هي عليه في الواقع.
التكوين نموذجي لأسلوب الفنان صلاح، مع منظور دقيق واهتمام كبير بالتفاصيل المعمارية. تُعتبر هذه اللوحة مثالآ مثاليآ لقدرة الفنان على تجسيد مدينة حلب بدقة وجمال . يضفي ثراء الالوان وإضاءة طبيعية ويعزز الإنطباع بالواقعية والحيوية التي تُميز اعماله الفنية.
من اسبانيا. الفنان والناقد التشكيلي. عبد القادر الخليل
2023/9/7
