كوردستان وصفحات من تاريخ التجزئة!
كوردستان وصفحات من تاريخ التجزئة!

كوردستان وصفحات من تاريخ التجزئة!

كوردستان وصفحات من تاريخ التجزئة!

 

مقال : كفاح محمود كريم

كوردستان وصفحات من تاريخ التجزئة!
كوردستان وصفحات من تاريخ التجزئة!

مثل ما قسم المستعمرين الكبار الوطن العربي إلى  دول  وإمارات، قسموا كوردستان إلى أجزاء وأدغموها في أربعة كيانات هي تركيا وإيران والعراق وسوريا في اتفاقية سايكس بيكو، ومنذ ذلك الحين والشعب الكوردستاني رافض لهذا التقسيم والاحتواء بشتى الوسائل، خاصةً وأن انتفاضاته كانت قد بدأت مع مطلع القرن العشرين وتحديداً في عام 1907، حيث قاد الشيخ عبدالسلام بارزاني انتفاضة عارمة ضد الحكم العثماني بعد أن رفضت تلك السلطات تلبية مطاليب شعب كوردستان واستخدمت القوة في قمع تلك الانتفاضة، وأسر قائدها وإعدامه في مدينة الموصل في  14 كانون الأول 1914م، ومن حينها وبدون الخوض في التفاصيل التاريخية للأحداث فقد فرضت الحرب على شعب كوردستان بسبب مطالبته بحقوقه المشروعة في العيش الحر على أرضه وممارسة حقه في تقرير مصيره، وواجه أشكالاً مختلفة من المؤسسات العسكرية وشبه العسكرية التي تفننت في قمعه، ومارست كل الأنظمة أساليباً وحشية في محاربة ثوار الشعب الكوردستاني المعروفين بالبيشمرگة، وهو مصطلح كوردي يعني أولئك الرجال والنساء الذين يستبقون الموت في تحقيق أهدافهم أثناء الحروب، حيث قاتلوا ببسالة كل الأنظمة التي تعاقبت على حكم العراق بأسلحة بسيطة لم تتجاوز البنادق وبعض المدفعيات المتوسطة في مقاومة جيوش امتلكت أحدث الأسلحة الثقيلة والطيران بكل أشكاله منذ قيام المملكة في مطلع عشرينات القرن الماضي بعد اتفاقية سايكس بيكو وحتى كارثة حلبجة وبادينان وباليسان وكرميان التي تعرضت للقصف الكيماوي المكثف بمختلف أنواعه أواخر الثمانينات، بعد أن فشلت قنابل النابالم التي استخدمت هي الأخرى قبل ذلك بعشرين عاماً، ناهيك عن تشكيل أفواج وألوية من المرتزقة العاطلين عن العمل أو من خلال شيوخ وأغوات العشائر الذين عرفوا في المنطقة بــ (الجحوش) حيث جندتهم الحكومات ضمن ما كان يُسمى بالأفواج الخفيفة مثل (فرسان صلاح الدين الأيوبي) و(سرايا أبو فراس الحمداني) لاستخدامهم في مقاتلة أبناء جلدتهم.

 

ورغم محاولات الزعيم عبدالكريم قاسم في إرساء الأمن والسلام في كوردستان وإجراء إصلاحات مهمة بالتعاون مع الزعيم مصطفى البارزاني إثر عودته من منفاه في الاتحاد السوفييتي بعد قيام ثورة 14 تموز 1958م ، إلا أن الطاقم الذي كان يحيط بالزعيم عبدالكريم عمل على تخريب كل تلك المحاولات مما أدى إلى اندلاع الانتفاضة ثانيةً والتي تحولت إلى ثورة عارمة في أيلول 1961م، حيث استُخدم ضدها شتى أنواع الأسلحة، تحديداً بعد الانقلاب على عبدالكريم قاسم، حيث أسس انقلابيو شباط 1963 ميليشيا أطلقوا عليها أسم (الحرس القومي)، وكانت مسؤوليتها تصفية كل المعارضين لهم من تقدميين وديمقراطيين عراقيين وكوردستانيين؛ وذلك من خلال عمليات الاغتيال التي شملت آلاف من خيرة الكوادر في بغداد وكوردستان، ثم تلى ذلك وبعد انقلابهم على الرئيس عبدالرحمن عارف في 17 تموز 1968م أن استخدموا الجيش بقساوة لإحراق كوردستان بالنابالم وبراميل البنزين والديناميت، حتى أسسوا ميليشيا (الجيش الشعبي) التي فتكت بكوردستان ونفذت عمليات التهجير القسري للكورد إلى جنوب وغرب العراق، ومارست أبشع أنواع القتل والتعذيب والإرهاب والسلب والنهب بحق الأهالي، يداً بيد مع ما كان يُسمى بــ (الأفواج الخفيفة)، حتى بلغ عدد القرى التي تم تدميرها بالكامل أكثر من 4500 قرية بما تحويه من مزارع وبساتين ومساجد وكنائس ومدارس ومراكز صحية، وتهجير سكانها إلى صحراوات العراق الجنوبية، ومن ثم إبادتهم ودفن الكثير منهم وهم أحياء، حيث بلغت أعدادهم أكثر من 182 ألف نسمة من النساء والأطفال والشيوخ، في واحدة من أبشع عمليات الإبادة الجماعية بعد الحرب العالمية الثانية.

 

ويتذكر الجنود العراقيون وحتى عناصر تلك الميليشيات التي كانت تقاتل إما أمام الوحدات العسكرية أو تأتي لتمسك الأرض بعدها، ماذا كانوا يفعلون بالأهالي، وكيف كانت تتعامل معهم قوات البيشمرگة حينما يقعون جرحى أو أسرى بأيديهم، وكيف يتخلى البيشمرگة عن حصتهم في المأكل والمشرب والأغطية لصالح الأسير أو الجريح، بينما كانت أجهزة الاستخبارات العسكرية والأمن العسكري يتفننون بتعذيب الأسرى والجرحى حتى الموت أمام الأهالي في مراكز القرى أو البلدات أو المدن، وحينما شنّ داعش هجومه الهمجي على العراق وكوردستان منتصف 2014م، تصدت لها قوات البيشمرگة ببطولة أذهلت وأتثبت للعالم أجمع جدارتها وبسالتها في القتال، واحترامها لقوانين الحرب والتعامل مع أسرى وجرحى العدو، وحققت انتصارات أبهرت الرأي العام العالمي بما جعل من مصطلح (البيشمركة) مصطلحاً عالمياً متداولاً يرمز للبسالة ولانتصار المدنية والحضارة على التخلف والإرهاب، رغم أنها قاتلت بأسلحة بسيطة مقارنة بتلك التي تمتلكها داعش، وهي وما تزال تعاني من حصار الذين يقودون المؤسسة العسكرية والأمنية في البلاد سواء في التسليح أو التدريب أو الرواتب والمخصصات، ورغم ذلك فرضت نفسها كمعادلة حضارية ومؤسسة مهنية تحترم القيم العليا للإنسان والحضارة، وأصبحت احد اهم الرموز العالمية في مكافحة الإرهاب، خاصة في حربها الضروس مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

 

kmkinfo@gmail.com

 

 

 

اعلن على موقع بصراوي

عن كفاح محمود كريم

شاهد أيضاً

الثورات الملونة حرية  أمريكية برائحة الدم

الثورات الملونة حرية  أمريكية برائحة الدم محمد عبد الكريم يوسف لعبت الثورات الملونة على مر التاريخ،  دورا هاما في إحداث التغييرالاجتماعي والسياسي في جميع أنحاء العالم. و أحد أنواع الثوراتالتي اكتسبت الاهتمام في العقود الأخيرة هي الظاهرة المعروفة باسمالثورات الملونة. وقد لعبت هذه الانتفاضات اللاعنفية، والتي تتميز عادةباستخدامها للاحتجاجات السلمية والعصيان المدني، دورا فعالا فيإسقاط الأنظمة القائمة وتعزيز الإصلاحات الديمقراطية في بعضالبلدان.   تشمل أمثلة الثورات الملونة الثورة الوردية في جورجيا عام ، والثورةالبرتقالية في أوكرانيا عام التي حدثت عامي ٢٠٠٣ و ٢٠٠٤  . وقد أثارنجاح الثورات الملونة مناقشات بين العلماء وصناع السياسات حول مدىفعاليتها وشرعيتها. والتأثير المحتمل على السياسة العالمية. ويرى البعضأن هذه الثورات أحدثت تغييرات إيجابية من خلال تعزيز الديمقراطيةوحقوق الإنسان والحكم الرشيد في الدول الاستبدادية. ومع ذلك، أعربآخرون عن مخاوفهم بشأن دور الجهات الخارجية، مثل الحكوماتالأجنبية والمنظمات غير الحكومية، في التأثير على هذه الحركات ودعمها. ومن خلال دراسة الحالة الخاصة بالثورات الملونة والأدبيات العلمية حولهذا الموضوع، يمكننا أن نفهم بشكل أفضل ديناميكيات هذه الانتفاضاتوآثارها على مستقبل السياسة العالمية. يشير مصطلح “الثورات الملونة” إلى سلسلة من الانتفاضات الشعبيةالتي شهدتها بلدان مختلفة حول العالم خلال العقود القليلة الماضية. وتتميز هذه الثورات بطبيعتها اللاعنفية واستخدام الاحتجاجات السلميةوالعصيان المدني وغيرها من أشكال التعبئة الجماهيرية لتحقيق التغييرالسياسي. وقد شاع مصطلح “الثورات الملونة” بين وسائل الإعلاموالمحللين السياسيين لوصف هذه الحركات، التي غالبا ما تستخدم لونامحددا كرمز لأهدافها وغاياتها. وعادة ما تشتعل شرارة هذه الثوراتنتيجة لعدم الرضا على نطاق واسع عن الفساد الحكومي، أو الحكمالاستبدادي، أو تزوير الانتخابات، أو انتهاكات حقوق الإنسان. غالبا ماتبدأ كاحتجاجات صغيرة النطاق، ولكنها سرعان ما تتصاعد إلى حركاتأكبر وأكثر تنظيما تجتذب شريحة واسعة من المجتمع، بما في ذلكالطلاب والمثقفين والعمال والمهنيين من الطبقة المتوسطة. وقد لعباستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من أشكال التكنولوجيادورا حاسما في نجاح هذه الحركات، مما سمح بالتواصل السريعوالتنسيق وتعبئة المؤيدين.  ومن أشهر الأمثلة على الثورات الملونة “الثورة الوردية” في جورجيا عام٢٠٠٣، و”الثورة البرتقالية” في أوكرانيا عام ٢٠٠٤، و”الثورة الخضراء” في إيران عام ٢٠٠٩. وأدت هذه الثورات إلى تغييرات سياسية كبيرة. فيكل بلد، بدءاً من الإطاحة بالقادة السياسيين إلى إجراء انتخابات حرةونزيهة. وفي حين لم تكن كل الثورات الملونة ناجحة في تحقيق أهدافهاالمعلنة، إلا أنها كانت بمثابة تذكير قوي بإمكانية الحركات الشعبيةالسلمية لإحداث التغيير حتى في البيئات السياسية الأكثر قمعية. –  ماهية الثورات الملونة وأهميتها في التاريخ السياسي الحديث. الثورات الملونة هي سلسلة من الانتفاضات اللاعنفية التي حدثت فيبلدان مختلفة حول العالم، وتتميز باستخدام لون معين كرمز للحركة. وقدلعبت هذه الثورات دورا هاما في تشكيل التاريخ السياسي الحديث منخلال إظهار قوة الاحتجاج السلمي والعصيان المدني في إحداث التغييرالديمقراطي.  اكتسب مفهوم الثورات الملونة مكانة بارزة لأول مرة في أوائل العقد الأولمن القرن الحادي والعشرين، وكانت الثورة البرتقالية في أوكرانيا عام٢٠٠٤ واحدة من أبرز الأمثلة. وكان المقصود من استخدام اللونالبرتقالي كرمز للحركة إيصال رسالة الوحدة والأمل، حيث خرج آلافالأوكرانيين إلى الشوارع للمطالبة بإجراء انتخابات نزيهة وشفافة. وكاننجاح الثورة البرتقالية في إلغاء نتائج الانتخابات  والبدء بعصر جديد منالديمقراطية سببا في إلهام حركات مماثلة في دول مثل جورجيا،وقيرغيزستان، وأرمينيا. وقد أظهرت الثورات الملونة أهميتها في التاريخالسياسي الحديث لأنها أظهرت أن التغيير يمكن تحقيقه من خلالالوسائل السلمية، دون اللجوء إلى العنف أو الصراع المسلح. ومن خلالحشد الاحتجاجات الجماهيرية والعصيان المدني، تمكنت هذه الحركاتمن تحدي الأنظمة القائمة، والمطالبة بإصلاحات سياسية، ومحاسبةالحكومات على أفعالها. ومن خلال قيامها بذلك، أظهرت قوة النشاطالشعبي في تشكيل مسار المستقبل السياسي للأمة. في عالم تشيع فيهالاضطرابات السياسية والاضطرابات، تعد الثورات الملونة مثالا  لكيفيةاجتماع المواطنين العاديين لإحداث تغيير إيجابي في مجتمعاتهم. ومنخلال تسخير قوة العمل الجماعي والمقاومة اللاعنفية، حققت هذهالحركات إصلاحات دائمة ومهدت الطريق لمزيد من الحريات السياسيةوحقوق الإنسان. وعلى هذا النحو، تقف الثورات الملونة بمثابة شهادة علىروح الديمقراطية الدائمة وقدرة الروح الإنسانية على الصمود في مواجهةالشدائد. أمثلة على الثورات الملونة:  كانت هناك أمثلة عديدة للثورات الملونة عبر التاريخ والتي شكلت المشهدالسياسي للبلدان في جميع أنحاء العالم. ومن بين الأمثلة الأكثر شهرةالثورة البرتقالية التي اندلعت في أوكرانيا في عام ٢٠٠٤. ففي أعقابالانتخابات الرئاسية المتنازع عليها، نزل الآلاف من الأوكرانيين إلىالشوارع للاحتجاج على النتائج والمطالبة بإعادة التصويت. وأدتالاحتجاجات السلمية في نهاية المطاف إلى إلغاء نتائج الانتخاباتوانتخاب رئيس جديد.  ومن الأمثلة البارزة الأخرى الثورة الوردية في جورجيا في عام ٢٠٠٣. فبعد انتشار الاتهامات بتزوير الناخبين في الانتخابات البرلمانية، احتشدالجورجيون في احتجاجات سلمية أدت في النهاية إلى استقالة الرئيسوانتخاب حكومة جديدة ملتزمة بالإصلاح الديمقراطي. تعتبر الثورةالمخملية في تشيكوسلوفاكيا عام ١٩٨٩ مثالاً آخر على الثورة الملونةالناجحة. أدت الاحتجاجات والإضرابات الجماهيرية إلى انهيار الحكومةالشيوعية والانتقال إلى نظام حكم ديمقراطي. تسلط هذه الأمثلة الضوءعلى قوة الاحتجاج اللاعنفي والحركات الشعبية في إحداث التغييرالسياسي. ومن خلال تعبئة المواطنين والمطالبة بالمساءلة من حكوماتهم،أظهرت الثورات الملونة أن التغيير ممكن حتى في مواجهة الأنظمةالاستبدادية الراسخة.  – الثورة البرتقالية في أوكرانيا (٢٠٠٤) …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *